شَيْخُ الْبَلَاغَةِ.. فِي الْيَوْمِ الْعَالَمِيِّ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ
طلال بن أحمد الزعابي | مسقط
(إِلَى رُوحِ مَوْلَانَا الْإِمَامِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيِّ)
مُتَبَتِّلًا للّهِ، ضَمّكَ مُصْحَفُ
وحدِيثُ قلْبِكَ منْ عُيُونِكَ يُذْرَفُ
°°°
فَتَمَازجتْ بالْآيِ دمْعةُ صَادقٍ
لمّا أتَيْتَ إلَى الْكِتَابِ تُصَنِّفُ
°°°
مُتعمِّقًا فِي نظْمِهِ وبيَانِهِ
ودلَائِلَ الْإعْجَازِ منْهُ تُقطِّفُ
°°°
أفْنيْتَ عُمْرَكَ كَاشِفًا عَنْ سِرِّهِ
ووقفْتَ فِيهِ؛ فطَابَ منْكَ الْمَوْقِفُ
°°°
أشْعلْتَ بالْوَادِي الْمقدَّسِ نَارَهُ
وحملْتَ جَذْوَتَهُ؛ فضَاءَتْ أحْرُفُ
°°°
لَمْلَمْتَ بعْثرةَ الْبيَانِ بفِكْرةٍ
والنّحْوُ جَاءَ لأجْلِها يَتَلَهَّفُ
°°°
إنْ سَالَ نهْرُ النَّظْمِ منْ جنَّاتِكُمْ
تَتَعَوْشَبِ الصّحْرَاءُ، يزْهُ الصَّفْصَفُ
°°°
اللّفْظُ آدَمُ منْ تُرَابٍ لَازِبٍ
لمَّا نفخْتَ الرُّوحَ جَاءَ يُرَفْرِفُ
°°°
معْنَاكَ حَوَّاءُ الّتِي سوّيْتَهَا
منْ ضِلْعِ حرْفِكَ، بالْجَمَالِ تُطَوِّفُ
°°°
قُمْ أسْعِفِ الْألْفَاظَ، إنَّ بَيَانَنَا
يحْتَاجُ إنْعَاشًا، وأنْتَ الْمُسْعِفُ
°°°
فإذا أرَدْنَا الْيَوْمَ سَبْكَ فصَاحَةٍ
إنَّ الْفصِيحَ بذَا الزَّمَانِ مُسَخَّفُ
°°°
قُمْ؛ فالْقوَافي كالْمدَافعِ أصْبحَتْ
منْ كلِّ تقْلِيدٍ، وَقُبْحٍ تَقْذِفُ
°°°
وتُمزِّقُ الْأذْوَاقَ، فِي ترْدِيدِها
جَرْحُ الصِّيَاغَةِ بالْبَلَادَةِ يَنْزِفُ
°°°
قُمْ؛ فالْمجَازُ علَى الطَّرِيقِ مُمرَّغٌ
ما زَالَ حتّى يَوْمِنَا يُسْتَنْزَفُ
°°°
وكأنَّ كلَّ مَزِيَّةٍ أبْدعْتَها
قدْ ضمّها -منْ بعْدِ عَيْنِكَ- مُتْحَفُ
°°°
ذُقْنَا منِ التّغْرِيبِ لذَّةَ عِلْمِهِ
فبدتْ لنَا سوْءَاتُنَا تَتَكَشَّفُ
°°°
سَنَفُرُّ نحْوَ الْأَوْليَاءِ؛ لأنَّنَا
طَفْقًا بأوْرَاقِ الْبيَانِ سَنَخْصِفُ
°°°
قَدْ بُحَّ صَوْتُ الْعَارفِينَ، ونبْضُهُمْ
يرْتجُّ منْ فرْطِ الْخَوَاءِ وَيَرْجُفُ
°°°
لكنَّ صَوْتَكَ شقَّ ظُلْمةَ وَاقعٍ
فأتَى يُصرِّحُ بالْجَمَالِ وَيَهْتِفُ
°°°
إنّ الْمعَانِيَ كالْغوَانِي، مهْرُها
لفْظٌ كرِيمٌ بالرّصَانَةِ يُوْصَفُ
°°°
يا أيُّها الْمسْكُونُ حُبًّا خالدًا
هَبْني أتيْتُ إلَى الْحبِيبةِ أَزْحَفُ
°°°
قلبي علَى الْمِحْرَابِ، تلكَ حبِيبةٌ
الْكلُّ فِي مِحْرَابِهَا مُتَصَوِّفُ
°°°
قَالتْ ليَ الْأقْلَامُ لمَّا جئْتُها:
(مَنْ غَيْرُ رُوحِكَ عنْ جمَاليَ يَعْرِفُ)؟
°°°
هلْ أُخْبرُ الْأقْلَامَ… أنَّكَ عَاشِقٌ
مِثْلي، وحِسُّكَ فِي الْبلَاغَةِ مُرْهَفُ؟
°°°
وبأنَّ دُرَّكَ فَوْقَ جِيدِ مَلِيحَةٍ
مُتأنِّقٌ، وبهِ الْقلائِدُ تُرْصَفُ؟
°°°
إيهٍ! علَى يُمْنَاكَ تخْضرُّ الرُّبَى
ويطِيبُ فِي يُسْرَاكَ ذَاكَ المَقْطَفُ
°°°
تحْنُو علَى اللّغةِ الشَّرِيفةِ مثْلمَا
يحْنُو الْمُحبُّ علَى الْحَبِيبِ وَيَعْطِفُ
°°°
بيْنِي وبيْنَكَ فِي الْحُرُوفِ قَرَابَةٌ
ما مِثْلُ أنْسَابِ الْحُرُوفِ يُؤَلِّفُ
°°°
لا تَأْسَيَنَّ علَى الْبَلاغةِ مُطْلقًا
فلكلِّ يعْقُوبٍ سيُولَدُ يُوسُفُ
°°°
جَاءَ الْبشِيرُ، تحسَّسُوا كلمَاتِهِ
وَدَعُوا الْقمِيصَ عنِ الْفصَاحةِ يَكْشِفُ