حجاب ندى.. قصة قصيرة
رزق البرمبالي | مصر
جائني والبشر يفيض من عينه، والسعادة ترفرف في وجهه، يدعوني وزوجتي إلى حفل الليلة،ابتسمت مستفسراً: خيراً، وأردفت: بالطبع ليس عيد ميلاد؟!
قال: ندى تحجبت، والحفل بهذه المناسبة،
إمتلأ قلبي بالسعادة، وقلت:
- الحمد لله، ألف مبروك،
فقد كان حجابها أُمنَيتِنا أنا وزوجتي ونصيحتنا لها في كل وقت، ذلك أن ملابسها كانت تبرز معالم أنوثتها بشكل فج، في بهو فيلا صديقي حيث مكان الحفل، طاولات دائرية، تراص المدعوين حولها، وزُيَنتّ الأشجار والشجيرات حول المكان ببالونات كبيره وزينات إلكترونيه مبهجة وأنوار ليزر مختلفة الألوان، فبدا المشهد وكأنه حفل عُرس، قابلنا صديقي وزوجته بترحاب شديد والفرحة بادية على محياهم، وقال: تفضلا، فلولا أنت ياصديقي ومدام رحاب ماتحجبت ندى العنيدة، وأكدت زوجته ذلك، داعية لنا بالستر،
قلنا: إنما الهداية من الله
قالت زوجتي موجهه كلامها إلى زوجة صديقي، بعد أن مسحت الطاولات المكتظة بالضيوف بعينيها
- إنني في شوق إلى رؤيتها، أين هى يا منى؟!
- إنها بالداخل مع صويحباتها، وستأتي حالاً ،
قالت زوجتي مازحة : إنها عروس الحفل اليوم، وبالتأكيد تتزين الآن؟
- نعم هي كذلك، وضحكنا جميعاً،
تقدمنا للسلام على المدعوين فهم أصدقاؤنا ومعارفنا كذلك، ثم جلسنا إلى إحدى الطاولات نحن الأربعة، كان القمر بدرا يضفي بضياه على المكان فيطيب به السهر، وبدت الأشجار كأنها تبتسم له، ونسمات عليلة مختلطة بموسيقى هادئة تعزفها الفرقه الموسيقية المكونة من أصدقاء ندى بالجامعة الأمريكية، تدغدغ الحواس وتزرع في النفس سعادة مفرطة،
الكل يتطلع إلى باب الفيلا الذي بدا أصدقاء وصديقات ندى بالوقوف في صفين على جانبيه، يطلقون الصافرات بوضع أصابعهم أسفل اللسان ثم النفخ بشدة، ويصفقن بأيدهم مرددين: عايزين ندى… عايزين ندى.. عايزين ندى،
في تلك الأثناء وصلت سيارات الفندق ذو الخمس نجوم، بالطعام والشراب والحلويات، وطاقم الخدمة إلى المكان المعد مسبقا في ركن الحديقة للبوفيه المفتوح،
علا التصفيق من الجميع، زغاريد وصافرات هنا وهناك.. صوت الموسيقى بدأ يعزف لحن أغنية “إنزل ياجميل”
وقفنا جميعاً لنرى طلة عروس الليلة ندي في الحجاب، أصدقاءها وصديقاتها يُنْشِدون في صوت واحد تزامن مع خروجها من باب الفيلا
إنزل يا جميل ع الساحة
واتمختر كده بالراحة
أنا قد عينيك مع إني
نظرة عينيك دباحة
كانوا كأنهم كورال خلف وليد توفيق، دقات القلوب تتسارع.. فراشات الفرح والسعادة ترفرف حول الجميع وهاهي ند… توقف الحرف فوق لساني، وتَيَبست الكلمات في حلقي…. ماهذا؟!
وضعت زوجتي يدها على قلبها، ثم مَالَت إليّ هامسة :
- أين الحجاب ؟!
بادَلتها الهمس محبطاً: حَجَبتّ شعرها فقط،
وقلت في نفسي: تفاصيل جسدها ظهرت أكثر من ذي قبل، فالبلوزة ملتصقة على الجسد، يدفعها صدرها النافر للأمام، والبنطلون الضيق يُظهر تضاريس الخصر والأرداف،
نظر إلينا صديقي وزوجته وأيديهم مرتفعة بالتصفيق، تغبطهم فرحة لاحد لها
- مارأيكم في حجاب ندى؟!
سأل صديقي
لم أدر ماذا أقول فمازالت الكلمات متوقفة في حلقي، لكني ابتسمت ابتسامة تخفي تحتها خيبة أمل، ولم أشأ أن أعكر صفو الليلة وبهجتها على صديقي وزوجته،
وأطلقت زوجتي زغرودة طويلة ثم قالت: قمر، ربي يحفظها، بعد الحفل شغلني حجاب الشعر فقط! وتفكرت في هذه الظاهرة المنتشرة بين الفتيات ملياً، الأمر الذي أصابني بالأرق فلم أنم إلا في ساعة متأخرة من الليل
رأيت ندى تلج باب الفيلا وجسدها بالكامل فيما عدا الرأس مرشوق بأسهم دقيقة سوداء وسائل أسود ينز من تلك الأسهم، وقع في نفسي أنه دم، قمت مفزوعاً والعرق يتفصد من جبيني.