التحالف الأوروبي يناصر أسرى فلسطين ويطلق حملة دولية للتضامن مع الأسرى المرضى
المحامي علي أبو هلال | محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي
تحت شعار “كل التضامن مع الأسرى المرضى الحرية لأسرى فلسطين ” عقد التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين مؤتمره السادس في رام الله وأوروبا، وبمشاركة عدد من الحقوقيين والبرلمانيين من الدول العربية وروسيا والولايات المتحدة عبر تقنية زوم، يوم الأحد الموافق 13/12/2020 وسط ظروف بالغة التعقيد تعيشها الحركة الأسيرة، وخاصة الأسرى المرضى الذين يعانون من خطر حقيقي بات يهدد حياتهم في ظل تفشي فايروس كورونا، مما أدى إلى استشهاد عدد منهم، وكان آخرهم الأسير الشهيد كمال أو وعر، في ظل تنكر سلطات الاحتلال وإدارات سجونها لحقوق الأسرى التي تكفلها القوانين والاتفاقات الدولية.
وهذه هي المرة الأولى التي يعقد فيها التحالف مؤتمره في رام الله وأوروبا عبر تقنية زوم، وذلك بسبب جائحة كورونا التي تجتاح العالم، علما أن مؤتمراته الخمسة السابقة قد عقدها في عدد من العواصم الأوروبية، ابتداء من مؤتمره الأول الذي عقد في برلين عام 2014، إلى مؤتمره الخامس الذي عقد في عام 2019 في بروكسل، وكان لي شرف المشاركة في هذه المؤتمرات باعتباري منسقا للتحالف في الوطن. تقوم لجان تنسيق التحالف المنتشرة في العديد من الدول الأوروبية وفي فلسطين بالعادة بالتحضير لعقد مؤتمراته، وفي هذه المرة وبسبب تعقيدات التواصل ومنع السفر، بسبب جائحة كورونا، فقد استغرقت عملية التحضير لعقد المؤتمر حوالي ثلاثة أشهر، وقد بذلت لجان التنسيق بإدارة المنسق العام للتحالف الدكتور خالد الحمد جهودا كبيرة لعقد المؤتمر، رغم كل المعوقات وإجراءات الاغلاق وحظر التجمع والاجتماعات، بسبب جائحة كورونا.
وقد ميز المؤتمر السادس المشاركة الدولية والعربية والفلسطينية الواسعة والمتميزة، حيث شارك في المؤتمر الأسرى المحررون في مقدمتهم الأسير المناضل المحرر ماهر الأخرس، الذي خاض اضرابا عن الطعام استمر حوالي 104 أيام احتجاجا على اعتقاله الإداري، والأسير المحرر اللبناني أنور ياسين، وعدد آخر من الأسرى المحررين من فلسطين، بالإضافة إلى أهالي الأسرى الشهداء، ومنهم والد الشهيد الأسير كمال أبو وعر، وعدد من أهالي الأسرى الفلسطينيين من بينهم والدة الأسير كريم يونس. ومن قطاع غزة شاركت لجنة تنسيق التحالف ومنسقها السيد هاني مصبح، ووالدة الاسير ضياء الآغا، ووالد الأسير محمد الحلبي صاحب أطول محاكمة في التاريخ، حيث تجاوزت جلسات المحكمة أكثر من مائة وخمسين جلسة، وعائلة الأسير الشيخ فؤاد الشوبكي أكبر الأسرى سنا، والأسير المحرر مصطفى المسلماني، ومن فلسطين شاركت ووازرة الصحة الفلسطينية، هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نادي الأسير، مؤسسة الضمير، الهيئة العليا لشؤون الأسرى والمحررين، مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس، الحملة الشعبية لإطلاق سراح القائد مروان البرغوثي، مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية، والحركة العامية للدفاع عن الأطفال.
وشارك في المؤتمر عدد من المحامين المدافعين عن الأسرى في سجون الاحتلال، من بينهم المحامية التقدمية ليئا تسميل، وعدد آخر من المحامين والقضاة الأجانب، المتضامنين مع الأسرى، ومنظمة العفو الدولية “أمستني” ممثلة بالسيد صالح حجازي نائب مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال افريقيا في منظمة العفو الدولية، بالإضافة إلى الأمين العام للمنظمة الدولية للحقوقيين الديمقراطيين السيد جان فرمون، والفدرالية الدولية لحقوق الانسان والسيد هاينتس بيرباوم رئيس حزب اليسار في أوروبا، و شبكة كوبي للمؤسسات المتضامنة مع فلسطين في المانيا، وعدد كبير من أعضاء البرلمانات الأوروبية، كما شارك من الدول العربية عمر الزين رئيس اتحاد المحامين العرب، والقاضي فؤاد بكر من المحكمة الدولية لتسوية النزاعات، ومن لبنان الدكتور محمد صفا الأمين العام لمركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب، والسيد يحيى المعلم أمين سر اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى، والسيد عمر ابكير نائب رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان من المملكة المغربية. وحشد واسع من قادة ونشطاء الجاليات الفلسطينية والعربية في بلدان المهجر الأوروبي والشتات، وممثلي لجان تنسيق التحالف الأوروبي في أوروبا.
أكدت هذه المشاركة الواسعة في المؤتمر، على تنامي التضامن الدولي مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وبشكل خاص الأسرى المرضى، معبرة عن رفض وإدانة سياسة الإهمال الطبي، وأشارت المداخلات على التضامن الكامل مع الأسرى والأسيرات وخاصة الأسرى المرضى، في نضالهم من أجل تحقيق حقوقهم في الحرية والكرامة الإنسانية، وأبرزت المداخلات إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي قد بلغ ما يقارب 4300 أسيرا وأسيرة، من كل فئات الشعب الفلسطيني، من بينهم (الأسرى المرضى 700، المحكومين مدى الحياة 570، الأطفال 170، الأسيرات 41، المعتقلون إدارياً 370).
ويعاني الأسرى المرضى من امراض مختلفة كالسرطان والفشل الكلوي وتشمع الكبد والشلل وبتر بالأطراف والضغط والسكري والأمراض النفسية والمصابين بالرصاص قبل واثناء اعتقالهم، بينهم 200 حالة مرضية بحاجة الى تدخلات فورية ونقلهم لمستشفيات مدنية لتقديم العلاج السريع لإنقاذ حياتهم.
حيث إن هناك أحد عشر أسيراً يعانون من مرض السرطان، وما يقارب 15 اسيرا يحتجزون فيما يسمى مستشفى سجن الرملة، وهو عبارة عن عيادة صغيرة لا تتوفر فيها أدنى المقومات الطبية التي تتوفر في العيادات الطبية المتنقلة، ومن جهة أخرى ونتيجة لسياسة اللامبالاة العنصرية الإسرائيلية، وصل عدد الأسرى الذي أصيبوا بفيروس كورونا حتى اليوم ما يقارب 140.
ولم تحرك إدارة السجون ساكنا، وكل ما قامت به هو نقل المصابين الى زنازين وأقسام ادعت إنها للعزل، وهي أماكن قذرة تنتشر فيها الرطوبة والاوساخ ولا تصلح للعيش الآدمي. بموازاة ذلك يتعرض الأسرى الفلسطينيون لسياسات التعذيب وسوء المعاملة بشكل ممنهج، ومنذ لحظات الاعتقال الأولى مرورا بمراحل التحقيق المختلفة. وفي ختام أعماله أعلن المؤتمر السادس عن إطلاق حمله دولية للتضامن مع الأسرى واعتبار عام 2021 عاما للوفاء للأسرى. تتضمن تحقيق الأهداف التالية:
أولا: وقف سياسة الإهمال الطبي، التي تمارسها سلطات الاحتلال، بحق الأسرى المرضى، وتأمين العلاج الطبي الضروري لهم، وممارسة الضغط على حكومة الاحتلال، من أجل إطلاق سراح المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة فورا، لتامين العلاج الطبي الملائم لهم، لإنقاذ حياتهم.
ثانيا: إلغاء سياسة الاعتقال الإداري، وإطلاق سراح المعتقلين الإداريين.
ثالثا: إطلاق سراح الأسرى، والاسيرات من الأطفال والنساء وكبار السن، والأسرى القدامى والأسرى البرلمانيين.
رابعا: استرداد جثامين الشهداء الأسرى المحتجزة لدى سلطات الاحتلال، وتسليمها إلى أهاليهم ليتم دفنهم وفقا للأصول والعادات المرعية.
كما أصدر العديد من التوصيات والقرارات من أهمها: تشكيل اللجان الدولية الطبية والحقوقية والإعلامية لمتابعة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال وتقديم ما يمكن من دعم ومساعدة لهم. وتدويل قضية الأسرى والإسراع في إحالة الجرائم المرتكبة بحقهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، وإلى القضاء الجنائي الدولي، حتى لا تبقى إسرائيل كسلطة محتلة فوق القانون الدولي وتستطيع الإفلات من العقاب. والطلب من الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة عقد اجتماع عاجل لإلزام إسرائيل كسلطة محتلة باحترام هذه الاتفاقيات وتطبيقها على الأراضي المحتلة.
الطلب من الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة عقد اجتماع عاجل لإلزام إسرائيل كسلطة محتلة باحترام هذه الاتفاقيات وتطبيقها على الأراضي المحتلة. ودعوة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان إلى تفعيل آليات لجان التحقيق ولجان تقصي الحقائق حول الممارسات الإسرائيلية بحق الأسرى والعمل على تنفيذ توصياتها في هذا الشأن. كما قرر عقد مؤتمره السابع في جنيف تحت شعار التضامن مع الأسيرات المرضى.