جمال البشرة والتلوث البيئى: البصمة البيئية لمستحضرات العناية والتجميل (2)
أ. د. فيصل رضوان | أستاذ التكنولوجيا الحيوية الطبية والسموم – الولايات المتحدة الأمريكية
تناولنا في المقال السابق خطورة الهجوم الشرش للملوثات البيئية المتزايدة على جسم الإنسان، بدءًا من الجلد والبشرة. تنتشر الملوثات خارج البيوت وداخلها، في كل من البيئات الحضرية والريفية وبدرجات متفاوته. وعند التعرض للتلوث بالهواء أو الغذاء تتوزع العناصر الضارة بالجسم كله عن طريق الجهاز الدوري، مما يجعل كل من طبقات الجلد السطحية المكشوفة والعميقة أهدافًا للضرر.
وتظهر الآثار المدمرة للتلوث كأعراض واضحة فى حدة علامات شيخوخة الجلد، وظهور تجاعيد الوجه ربما في أعمار مبكرة.
وقد أدى تفاقم هذا الضرر إلى رواج صناعة مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، ولكن ربما جاءت بعوامل سلبية أُخرى على الصحة والبيئة معا، فضلا عن استنزاف الاموال والموارد الطبيعية بطرق متعددة.
يتم إنتاج أكثر من يقارب 120 مليار عبوة كل عام لصناعات التجميل عالميا، معظمها غير قابل لإعادة التدوير، أو يصعب تدويره. حيث تأتي معظم منتجات التجميل معبأة في بلاستيك ومغلفة بشكل مفرط فيه. حيث أن الوعاء الواحد للمرطب متوسط الحجم- يمكن أن يستغرق ما يقرب من 1000 عام ليتحلل.
إذا لم يتم منح هذه العناصر حياة ثانية بالتدوير، فإنها تذهب ببساطة إلى مجمع النفايات – أو أكثرها يتم إهماله ويقوم بتلوث المياه والتربة الزراعية، ويرجع لنا بأشكال ضارة لا حصر لها.
قد يصاب بعضنا بالصدمة للعلم بأن أكثر من ثمانية ملايين طن من البلاستيك يتم إلقاؤها في محيطاتنا كل عام ، وهو تلوث مدمر للحياة البحرية ويرجع إلينا فى الاسماك والاغذية البحرية. ووفقًا لدراسة أخيرة، فقد تم رصد مستويات خطيرة من مركبات البلاستيك في ثلث الأسماك التي يتم صيدها في المملكة المتحدة.
ولعل الخطورة تكمن في دخول الحبيبات البلاستيكية plastic beads المجهرية والشظايا والألياف البلاستيكية في كثير من منتجات التجميل والتي تجد طريقها بسهولة الى مجاري الأنهار والبحار.
وقد يكون المنتج الخطير الاخر على قائمة خليط الجمال عبارة عن مادة بلاستيكية دقيقة تلقب بالقصب اللامع glitters ، والتي تدخل البيئة المائية بسهولة – غالبًا دون أن ندرك ذلك.
ومع زيادة الطلب ورواجها، قد لا نستطيع التوقف تماما عن تصنيع وشراء هذه المنتجات — لكن التأثير الإيجابي على البيئة قد يتحقق خلال الإجراءات اليومية السليمة وتحكيم الضمير البيئي الواعي. ومن اسهل هذه الاجراءات النداء بالتوعية بفرضية “التقليل reduce وإعادة الاستخدام reuse وإعادة التدوير recycle” ، لكن يتبقى علينا كمجتمع مدنى وحكومات تفعيل آليات ومصادر وتدريب على كيفية القيام بذلك.
ربما تتطلب إعادة التدوير الفعالة القليل من الجهد الشخصي والضمير. فإذا فكرنا مثلا في الحفاظ على كوكبنا جميلًا مثلما نفكر في الحفاظ على أنفسنا، فقد يكون العالم في حالة أفضل، ولا يختنق تحت جبل من البلاستيك.
أيضا يمكننا البحث عن خيارات التجميل الصديقة للبيئة المتاحة او الطبيعية. ومن منظور التغليف المفرط فيه، يمكننا البحث عن المنتجات المصنوعة من مواد قابلة لإعادة التدوير، مثل الزجاج والبلاستيك النباتي والفلين الطبيعي القابلة للتحلل، أو حيثما أمكن، نشترى منتجات بدون تغليف.