المرأة الأدكاوية ونوات البحر.!
محمود محمد زيتون | كاتب تربوي – مصر
علمتنا اللغة العربية أن تاء التأنيث ساكنة. وقد يكون ذلك من عبقرية وشاعرية لغة الضاد.!
فالسكون والغموض هو سر جمال المرأة.. سكون الثقة والدلال والترفع والأنوثة التي تجعل الرجال يحومون حولها كما تحوم الفراشات حول وهج اللهب.!
وتاء التأنيث أيضٱ لا محل لها من الإعراب . والإعراب هو الإيضاح والبيان ، وهو تغيير يطرأ على أواخر الكلمات العربية نطقٱ وضبطٱ، رفعٱ ونصبٱ وجرٱ وجزمٱ. وقيل في تأويل أن تاء التأنيث لا محل لها من الإعراب أنه إنصاف للمرأة ؛ فهي بسبب ثقلها وعظيم قدرها لم يسعها محل من الإعراب.!
وأول من أنصف المرأة من شعراء العرب أبو الطيب المتنبي في رثاء إحدى قريبات الأمير سيف الدولة الحمداني حين قال :
ولو كن النساء كما فقدنا
لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلال
ثم أتبعه أمير الشعراء أحمد شوقي حين وضح انحياز اللغة العربية إلى تاء التأنيث قائلٱ :
الحرف بمحدوديته ذكر
واللغة بشمولها أنثى
والحب بضيق مساحته ذكر
والمحبة بسموها أنثى
والجحيم بناره ذكر
والجنة بنعيمها أنثى
والظلم بوحشيته ذكر
والعدالة بميزانها أنثى
والشمس في عليائها أنثى
وكل الطيبات…. بنات.!
فليست تاء التأنيث وصمة عار ولا إشارة إلى انتقاص ، بل تزيدها وقارٱ وقدرٱ.
فإذا كان الرجل هو جذع شجرة الحياة وساقها وأوراقها ، فإن المرأة هي أزهارها وثمارها. !
ولذا نسعي للسمو بمكانتها.. وتطويرها من خلال رسم ملامح شخصيتها حين تغضب وتستعر نيرانها في أتون تهورها واندفاعها.!
• ولأن المرأة الإدكاوية هدية ربانية كرمها الله ووهبها الحنان والعاطفة والإيثار ، فإنها يمكن أن تعطر القلوب المتعبة بأريج هدوئها وسعة صدرها.
• وإذا كانت المرأة الإدكاوية بنت بيئتها الساحلية، فقد أخذت من البحر صخبه وضجيجه واندفاع أمواجه ، وانقلاب أحواله عندما تستبد بها «نوات» غضبها وانفلاتها ، فتنسى في لحظة ما كان من صفو الليالي ، وتهدم المعبد على رأسها ورأس أسرتها
التي تدفع الثمن غاليٱ من الخراب والتشرد والضياع. !
• وعلى المرأةالإدكاوية إذا غضب زوجها ألا تترك المنزل وتذهب إلى بيت أبيها ، فالهجر يوسع الهوة ، ويزيد الفرقة، ويمنح شياطين الإنس فرصة بث سمومهم وأحقادهم.
ولتحذر أن تطيل الغياب فالرجل الإدكاوي تربته رمليه سريعة الجفاف وقد تتدخل أخرى لتروي جذوره العطشى.!
•وعلى المرأة الإدكاويةأن تحافظ على مظهرها الأنثوي ،وجاذبيتها ورشاقتها ولا تتحول بعد الزواج إلى شجرة توت.!
وأذكرها بوصية « أمامة بنت الحارث» لابنتها أم إياس عند زفافها :
«أي بنية..أما الثالثة والرابعة:
فالتفقد لموقع عينيه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.!
ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مغتمٱ ، والكآبة بين يديه إن كان فرحٱ »!
هكذا نريدك كالغصن الرطب تميلين إلى كل جانب مع الريح وحذار من هبات نواتك وعواصفها الهوجاء.!