كيف غير رجل واحد الهزيمة نصرا؟.. معركة البكار .. تاشفين ابن علي
حنون ألبينو | الجزائر
اللوحة: للفنان الألماني كارل هاج
من خلال قراءاتنا للتاريخ و خاصة تاريخ الأندلس نتأكد من خيانة النصارى و غدرهم بأهل الاندلس و هذا ليس بجديد لا عليهم و لا علينا و هذه عادتهم عهدناها فيهم من خلال نقضهم لعهودهم و غدرهم المتكرر و هذا ما حصل شمال قرطبة و تحديدا في منطقة (عقبة البقر) vacar أو البِكار على بعد 20 كلم عن العاصمة الأندلسية، حيث الليل قد أسدل ستاره و خيم الهدوء الذي سبق واقعة ربما لا يعرفها الكثيرون لكنها شكلت فارقا شاسعا في تاريخ الاندلس. ففي تلك الليلة من سنة 528 هجري، كان جيش من النصارى يستعد لمواجهة جيش من المسلمين الذي وصل توا للمنطقة و كان يهيأ نفسه لمواجهة الغد لكن النصارى و غدرهم كما عهدنا فيهم لم يمهل الجيش المنهك من الطريق أن يحط رحاله و يمسح عرقه إستعداد للمعركة التي من المفروض أن تقع فجر اليوم التالي، لكن النصارى هجموا على جيش المسلمين و الذي كان بقيادة أمير المرابطين بالأندلس “تاشفين ابن علي ابن يوسف ابن تاشفين “، فتخلخل الجيش الذي إرتعب من الهجوم الحاد لجيش النصارى و كان عنصر المفاجأة هو الفيصل فهرب الجند أمام المد النصراني الجارف و فر القادة بأرواحهم و نادوا على أميرهم المرابطي تاشفين بأن ينجو بنفسه فقال قولته الشهيرة (لا أَسلم و أُسلم الأمة و لا أَبرح أو تنجلي عم إنجلت عليه هذه الكرة)، فصمد تاشفين و معه 40 رجلا يقاتلون وحدهم ضد جيش نصراني كامل يعد بالآلاف فقاتل بالسيف حتى إنكسر في يده و قاتل بالحديد و بكل ما لامس يده فكأنك تشهد مرة أخرى معركة مؤته و ترى فيه بطل الإسلام خالد ابن الوليد رضي الله عنه…. وصمد صمود الفرسان البواسل كيف لا و هو حفيد بطل الزلاقة يوسف ابن تاشفين فهذا حفيد ذاك الجد العظيم، و عندما سمع الجند الفارين والقادة المنسحبين بصمود قائدهم و أميرهم بدؤوا في العودة تدريجيا و بدأت حلقة الفرسان الصغيرة تكبر و ما كان من تاشفين إلا أن أعاد ترتيب صفوف جيشه الفار و إشتد القتال بين الجيشين و كان النصر للجيش الإسلامي بعد أن قتل قائد الجيش النصراني و هكذا رجل واحد يقلب الهزيمة نصرا، رجلا كان نموذجا رائعا و مثال يفخر به، لقائد وهب نفسه للجهاد وحب الشهادة في سبيل الله و الدفاع عن أرض الإسلام رجل وقف وحيدا دون أن يرتجف قلبه أمام العدد الهائل للجيش الذي يواجهه وحيدا الرجل الذي قال عنه ابن عذارى المراكشي في كتابه البيان: “و الأمير تاشفين في درعه متشحا بسيفه، درقته بيده يشد حملته يبدي صفحته، فلم يرى أربط جأشا و لا أشهم نفسا و لا تحدث عن أحد قله بما ظهر منه في مطلع ذلك الهول و تفاقم الامر “.
فكان مضربا للأمثال في رباطة الجأش و قوة البأس و العزيمة في مواجهة الشدائد… هؤلاء هم أبطالنا اللذين نفخر بهم و لنا فيهم بعد الحبيب المصطفى أسوة حسنة
? المصادر :
1- تاريخ الاندلس المفقود، د. طارق سويدان
2- تاريخ بلد الأندلس في العصر الإسلامي، محمد البشير العامري
3- ابن عذراى المراكشي البيان الجزء الرابع.