حكايا من القرايا.. ” التغييث “
عمر عبد الرحمن نمر | فلسطين
(من كتاب مقالات في التراث الشعبي/ عبد العزيز أبو هدبا- بتصرف)، ويسمونه ” شحدة المطر “والمشوربة ” طلب الغيث من الله سبحانه، في حال انقطاع الأمطار، فعندما يعطش البشر، ويذوي الشجر، ويجف الضرع… كان الرجال يصلون صلاة الاستسقاء، حيث يخرجون إلى الساحات خارج البلدة، وهم يرتدون لباسهم بالمقلوب؛ يكبرون، ويستغيثون الله سبحانه، ويصلون ضارعين إلى الله أن يفرج كربهم… أما عند النساء، فكان المشهد أقرب لطقوس تراثية متعارف عليها، حيث يجتمعن في ساحة القرية، ومعهن جاروشة، وحبّ فول يجرشنه، وديك، ويرددن أهازيج وتراويد، ويضربن الديك، حتى (يقاقي) يصيح، دلالة على طلب الماء، ثم يسرن بتراويدهن في شوارع القرية، يقرعن أبواب الدور، وأصحابها يرشونهن بالماء… حتى يصلن دار المختار؛ حيث يرشهم المختار وأهل بيته بالماء.
وفي أهازيج النساء كنت تسمع أسماء أولياء الله:
فنساء دير غسانة يرددن:
شيخ مسعود بنسترجيك
رشق المطر بيجي فيك
بينما تردد نساء ترمسعيا:
يا عجمي وانا ناخيك
رشق المطر بيجي فيك
وتردد نساء سنجل:
يابو العوف أجاك ظيوف
واطلب من ربك وشوف
أما في دير بزيع فيرددن:
يا جامعنا نسترجيك
رشق المطر يعبر فيك
وفي دير أبان يرددن:
يا بو حسن يا جارنا
املى قاع دارنا
يتجمعن في ساحة القرية، وقد حملت إحداهن على راسها (طاحونة يد) والأخرى وعاء فيه فول، والثالثة ديكاً، ويسرن في شوارع القرية، وهن يجرشن الفول، ويرددن:
يا ربي ليش هالطولة
أكلنا طحينة الفولة
يا ربي ليش هالكنّة
أكلنا طحين كرسنّة
يا ربي نقطة نقطة
تا نسقي حلق القطة
يا ربي ليش هالغيظة
جعنا وأكلنا الحميظة
يا ربي ليش وليش
أكلنا عروق الخرفيش
حط الفول في الجرة
واستنا رحمة الله.
صوت جرش الفول يرمز إلى صوت الرعد، ويضربن الديك فيصيح، فيرددن:
يا ديك يا بوقنبرة
عليش طلقت المرة
ع الرغيف اللي أكلته
الله يطعمها حسرته
يا ديك يا بو عرف ازرق
ريتك بالميه تغرق
اطلب من ربك يا ديك
اطلب من ربك يسقيك
شو بدو صياح الليل
بدو مطر بدو سيل
ديكنا يزعق بالليل
بدو زرع يباري الخيل
ويقفن باب بعض البيوت، ويرددن:
كبّوا باب داركم
تا يحرث فدّانكم
يحرث ويدرس
ويعمر دياركم.
فيرشقونهم أهل الدار بالماء
ويرددن:
يا الله الغيث يا ربي
تسقي زرعنا الغربي
يا الله الغيث يا دايم
تسقي زرعنا النايم
يا الله الغيث يا رحمن
تسقي زرعنا العطشان
يا الله الغيث يا معبود
جيب المطر والرعود
يا ربي ربي يا عوادي
شتوه تجر الوادي
راحت أم الغيث تجيب المطر
ما أجت إلا الزرع طول الشجر
ويردد الأطفال والنساء:
اسقونا يا دار الشيخ
والميه عليكم زيح
يا خالة قومي اسقينا
لولا ابنك ما جينا
قومي اسقينا بالمنخل
ريت ابنكم يدخل
قومي اسقينا بالغربال
ريت ابنك يصير خيال
يا ام الغيث غيثينا
جيبي المطر واسقينا
يا ام الغيث غيثينا
وبلي بشت راعينا
راعينا حسن الاقرع
لا يشبع ولا يقنع
وندعو الله سبحانه وتعالى ” اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين “.
