ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المبدعين والجبابرة 2
محمد زحايكة | القدس العربية المحتلة
جميل السلحوت
الإبداع بعد الستين ومكتشف المتميزين
يسجل للكاتب والباحث والمثقف البارز جميل السلحوت رعايته وتشجيعه لمن يلمس فيهم ميلا إلى الاجتهاد والتميز خصوصا في الحقل المعرفي والثقافي.. ولن أنسى ذاك اليوم الذي اطلع فيه ” الشيخ الأحمر ” كما كنا نطلق عليه بعد أن ترك المشيخة الشرعية وحسم أمره مع جمهرة المبدعين والمثقفين ومواكبة روح العصر .. ذاك اليوم وبعد أن اطلع على قصة قصيرة كتبتها في بداية حياتي مع الكتابة.. فلمس فيها شيئا من الموهبة الأدبية.. ذلك اليوم الذي قادني فيه “أبو قيس” إلى جريدة الفجر وعرفني فيها على الشاعر والأديب الراحل علي الخليلي الذي رحب أيما ترحيب بمبادرة الشيخ جميل ونشر قصة الصاحب سريعا في الجريدة.. ومن يومها التحق الصاحب في دروب الصحافة والكتابة الصحفية التي أجاد فيها .
وخلال لقاءات الصاحب الكثيرة مع “أبو قيس” اقتبس منه وترسخت لديه ظاهرة حب المطالعة حيث طالما أرشده إلى كتب قيمة تسهم في توسيع مداركه والانفتاح على حضارات وثقافات العالم والتزود بذخيرة معرفية متنوعة.. كما استفاد الصاحب من المثقف والإنسان الواعي جميل السلحوت الافتخار بأصل ومنبت الشخص مهما كان فقيرا َمعوزا أو متواضعا والبوح بكل المصاعب التي واجهها في حياته.
وكان الكاتب السلحوت بنفسه قد مارس أعمالا وأشغالا قاسية كالعمل في حفريات الآثار والحراسة في ورش البناء في شبابه مما أكسبه خبرات وتجارب حياتية غنية.
والملفت في تجربة الكاتب جميل السلحوت أن وحي الكتابة الإبداعية أو غزارتها الإنتاجية من قصص وروايات قد نزل عليه إجمالا بعد سن الستين كان قبلها في حالة تركيز على الكتابة الصحفية والبحثية بشكل عام.
والكاتب جميل السلحوت يشكل حالة ثقافية لافتة حيث فرض حضوره على المشهد الثقافي الفلسطيني من خلال مسيرته الثقافية الحافلة.. فعدا عن إنتاجه الإبداعي يعتبر من مؤسسي لقاء “اليوم السابع” في المسرح الوطني الفلسطيني الحكواتي.. هذا المنبر الهام الذي أبقى شعلة الثقافة الأدبية مشعة ومتقدة في سماء القدس.. وهناك وصف لطيف للفنان المقدسي حسام أبو عيشة حول “اليوم السابع” بأنه عبارة عن “شك عرب” في إشارة إلى طريقة الشيخ جميل في إدارة الحوار أحيانا.
والصاحب يعتقد أن أمام المبدع جميل السلحوت تحديان… الحساسية الزائدة من النقد في بعض الأحيان وطريقة توصيل الأفكار شفاهية احيانا أخرى.. حيث تعج جعبته بكم هائل من المعلومات تجعله أحيانا “يتشتت” ولا يركز وهو يطرحها على الملأ..؟
الصاحب كان محظوظا جدا بالتعرف على قامة ثقافية وإبداعية كالشجرة السامقة بمستوى الكاتب والروائي والباحث جميل السلحوت الذي حبب الصاحب بالثقافة وضرورة التسلح بالوعي لمواجهة ضرورات ومشاق الحياة.
ولنتذكّرْ معا ونذكر الأجيال التالية أن الكاتب جميل السلحوت منارة ثقافية إبداعية لها مكانتها في القدس وفلسطين .