سلوا وجدي
علي موللا نعسان | سوريا – النرويج
تتناول هذه القصيدة موضوعاً اجتماعياً فكرياً انسانياً يحمل في طياته إحساساً شعرياً مفعما بحس الانتماء للوطن ، للأرض وللإنسان وفكراً محلقاً بالابداع في اكتشاف حقيقة الوجدان والوعي الفلسفي الوجداني الذي يسهم في دحض الواقع المأساوي و الشعوري الذي يعيشه البشر في هذا الكون الذي لن يعمر بدون الأخلاق و القيم و المبادئ و القوانين العادلة.. و قد كتبتها على غرار قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي (سلوا قلبي) و هي تمثل نمط قصيدة معارضة
سَلوا وَجْدَ اللَّيالي في البَرايا
غَداةَ سَرى بِقَلْبي واسْتطابا
///
لَعَلَّ بَرى النُّهى أَغْنى النَّوايا
وَأَزْكى الرُّوحَ سَعْدَ رُؤى وَجابا
///
وَ يَسْأَلُ في المَناقِبِ ذو فُؤادٍ
فَهَلْ سَكَبَ الشُّعورُ لَهُ جَوابا
///
وَ في دارِ الضَّميرِ شَذا خَلاقٍ
سَبا الدُّنْيا بِرِمَّتِها سحابا
///
فَلَوْ ذُرِفَتْ دُموعٌ مِنْ حنايا
حِيالَ صُراخِ وَجْدٍ قَدْ أَنَابا
///
لَصَفَّقَ في الضُّلوعِ وَ راعى
جُموحَ القَلْبِ في مُقَلٍ وَ ثَابا
///
تَسَتَّرَ في تَلابيjبِ السَّجايا
وَ حَدَّدَ في الدُّروبِ هوى عُجابا
///
فَمَنْ يَتَهَّيَّبُ العلياءَ يَمْضي
عَلى كَدَرٍ وَ لا يَصِلُ الرّحابا
///
وَ مَنْ كانَتْ خُيولُ مُناهُ تَعْدو
لِمَكْرُمَةٍ فَقَدْ كَسَبَ الثَّوابا
///
وَ كانَ إِذا أَجادَ الصَّبْرَ فيها
تجَلَّى الفِكْرُ في عَقْلٍ وَ طابا
///
وَ إِنْ تَغْنَمْ بِجودِ الفِكْرِ حالٌ
فَلَنْ تُغْرى بِما يُثْري المآبا
///
وَ مَنْ يَهَبُ السَّماحَةَ خافِقَيْهِ
فَقَدْ بَلَغَ الهِدايَةَ وَ الصَّوابا
///
فَما نَالَ العَزيمةَ ذو سَخاءٍ
إِذا الإِسْهامُ كانَ بِهِ خَرابا
///
وَ ما دَرْكُ الحَقيقةِ بالتَّوَخّي
إِذا لَمْ يَحْتَمِلْ صَبْراً وَ صابا
///
تَمَطَّتْ في الشُّفوفِ سِهامُ لَحْظٍ
كَمَنْ رَغِبتْ لِعاشِقِها الحَبابا
///
رَمَتْ بِالصَّيدِ شاعِرَها وَ ماسَتْ
تَقودُ الطَّرْفَ في دِعَةٍ تُحابى
///
فَإِنْ غَفِلَتْ لِحاظٌ مِنْ خَفايا
لَعاوَدَها الوَمى يُضْفي القُرابا
///
فَإِنَّ الهَجْرَ مَرْتَعَهُ فَلاةٌ
وَ إِنْ جاسَ الخلائقَ و التُّرابا
///
وَ إِنَّ الأُلْفَةَ الجَذلى تُوارى
إذا ما الوَجدُ عقَّ هوى و غابا
///
وَ إِنَّ الجُّودَ أَحْسَنُ ما دَهاها
فَفيهِ الخير ُيقتاد الشهابا
///
فَلَمْ أَرَ دُونَ عَزْمِ الفِكْرِ أَرْقى
وَ لَمْ أَرَ غَيْرَ زادِ العِلْمِ بابا
///
وَ إِنَّ حَياةَ خَيْرٍ في كَفافٍ
لَأَغْنى عِنْدَ صَاحِبِها ثَوابا
///
دَخَلْتُ عَلى قَوافي الشِّعْرِ أَشْكو
إِلى رَبِّي حَديثَ طَوى وَ قَابا
///
وَ في دارِ السَّماءِ أحيطَ رِزْقاً
وَ في عَرَصاتِها ماجَ العُبابا
////
وَ رُحْتُ أَشُدُّ جَوْلاً في المَطايا
كَمَنْ عَرَكَ الزَّوارِقَ و الضَّبَابا
///
حِيالَ كُسوفِ أَشْرِعَةٍ وَ مَوْجٍ
كَمَنْ دارى ذُهولاً وَ اضْطِرابا
///
فَما فَأْلُ المَشاعِرِ بالتَّغَنّي
وَ لَكِنْ يَحْبِطُ الأَمَلُ الصِّعابا
///
وَ ما اِسْتَعْلَتْ عَلى قَوْمٍ حياةٌ
إِذا الإِكْرامُ كانَ لَهمْ ثِيابا
////
سَأَلْتُ اللهَ عَنْ إِنْصافِ دَهْرٍ
وَ جُلَّى أَدْمُعٍ سُكِبَتْ فَجَابا
///
فَما للسَّائِلينَ سِواهُ عَوْنٌ
إِذا مَا الشَّرُّ داهَمَهُمْ وَ رابا
////
هَوى الرَّحْمنُ قَدْ داراهُ صَمْتي
بِرأْبِ سُفوحِ صَدْعٍ أَنْ تُصابا
///
فَمَنْ يَهَبُ القَناعَةَ راحَتَيْهِ
فَقَدْ أَمِنَ السَّلامَةَ و اسْتَطابا
///
صُروفُ الدَّهْرِ تاهَتْ في فَضاها
تُراقِصُ غَيْمَها وَ العَدْلُ غابا
///
بِما هَتَكَ القلوبَ عَلى سِواها
وَ زاغَ يَجوسُ عُسراً قد تصابى
///
ظَلامُ اللَّيْلِ سادَ يَشي طَريقاً
عَلى جَنَنٍ وَ قَدْ حاسَ الخَرابا
///
أَعادَ قِلادَةَ الصَّمْتِ الرُّدَيْني
لِزائِرَةٍ هَوَتْ تَعْثو التُّرابا
///
فَقَدْ جاءَ السُّخامُ عَلى رَعايا
وَ قَدْ شابَتْ عُرى الهِمَمِ ذِئابا
///
تَصولُ عَلى فِخاخِ قَنى المَنايا
حِيالَ قُرىً تُواجِهُ اِضْطِرابا
///
نَصَحْتُ العَقْلَ حينَ وَعَى الخبايا
بِأَنْ يَتَرَبَّصَ الوِجْدانَ بابا
///
وَ يَرْجو الصَّفْحَ حينَ تَقي النَّوايا
دِيارَ الحَقِّ مِنْ سَخَطِ القُرابى
///
حَلَلْتُ وَ شَوْقُ دَمْعي في المَآقي
وَ رُمْتُ أُمورَ صِدْقٍ صَوابا
///
نَشَدْتُ بِوَعْدِها النَّاقوسَ حُراً
و جُبتُ مَناهِلاً تَرْوي اللُّبَابا
///
قَصَدْتُ العِلْمَ في إِرْواءِ عَقْلي
فَإِنْ يَكُنِ الدَّليلُ مَعي أَجَابا
///
وَ ما للطالبينَ سِواهُ عَزْمُ
إِذا ما الرَّيْبُ داسَ بَرى وَ ذابا
///
شَمَمْتُ خَمائِلَ الذّكرى مِراراً
و ذُقْتُ بِعِطْرِها شَوْقاً وَ صَابا
////
نَقَشْتْ عَلَى لِحَى الخافي هَوايا
وَ رِحْت أَرومُ فِكْراً و اِكْتِسابا
///
وَ كَمْ راقَصْتُ فيها ظَلَّ دَوْحٍ
سَباني فَوْحُهُ قُدُماً و سابا
///
وَ لَمْ أَغْفَلْ عَلى قِمَمٍ دُروبا
فَغَوْثُ العَقْلِ بارَكَ الوِقابا
///
بَني الأَوْطانِ اِقْتَنِصوا الأَماني
وَأَلْقوا عَنكُمُ الأَحْقادَ و الحِرابا
///
فَإِنْ جاَءَتْكُمُ النَّكْباءُ تَعْثو
فَقَدْ زارَ الوَرى كدْحاً وَ صابا
///
فَمِنْ شِيَمِ الشَّجاعَةِ أَنْ تُعينوا
شُعوباً أُرْهِقَتْ عَدَمَاً و رابا
///
فَإِنْ أُخِذوا عَلى خِدَعٍ ومَاتوا
فَمَنْ يُبْدي الحَقيقَةَ و الضَّبَابا
///
حِسى الأَرْطى تُلامِسُهُ الأَيادي
فَتُدْرِكُ أَنَّ شَرَّ الرُّعْبِ ذابا
///
كَسَفْحِ الدَّمْعِ في مَنْفى رُقادٍ
حِيالَ رِهامِ جُودٍ فيهِ طابا
///
أَريجُ الصَّبْرِ يَعْبَقُ في رُباهُ
وَ جودُ النَّفْسِ يَشتاقُ الثوابا
///
وَ غَيْثُ الوَعْدِ يَرْوي في حَشاهُ
خُلالاً تَرْقُب الآتي سَحابا
///
رُبوعُ الشَّامِ تَشْكو ما دَهاها
لَدى جيرانِها أَلَماً وَ صَابا
///
فَما اِحْتارَ الرّجالُ في مُرادٍ
إِذا الشُّورى رَعَتْ فيهمْ صَوابا
///
بِلادٌ عاث الدَّمارُ عَلى ثَراها
وَ سادَ بِدُونِ فَهْمٍ اِضْطِرابا
///
وَ زُحْزِحَتِ الشَّوارِعُ في بَراها
فَزادَ الشَّرُّ عَبْرَ الطَّوى ذُرابا
///
غُيومُ دِمَشْقَ قَدْ أَضْحَتْ حيارى
وَ جاسَ الرَّوْعُ قَلْعَتَها وَ جابا
///
فَمَنْ يعْثو بِها حَرْبا ضَروسا
فَقَدْ ساسَ الجَريمةَ و العِقابا
///
حَماكِ بِغَوْثِهِ الرَّاجي صَلاحاً
وَ قدْ خَذَلَ النُّهى قلقاً وَ رابَا
///
فَإِنْ جاء اللَّئيمُ وَ قَدْ تَعاطى
هَوى جَشَعٍ فَقَدْ ضَلَّ المَآبا
///
دُعاةُ السّلْمِ هُبُّوا نَحْو عَيْشٍ
لَئِنْ رُمتُمْ ثِمارَ المَجْدِ رِغابا
///
فَلِلأَعْمالِ مَكْرُمَةٌ تُجازى
وَ لِلأَمْجادِ فَخْرٌ لا يُصابى
///
وَجَدْتُ النَّاسَ قَدْ أَمْسوا حَيارى
عَلى جَنَباتِ حَرْب لا تُرابى
///
وَ مَا لِلْبالِ قَلْبٌ قَدْ تَوانى
عَلى مَدْعاةِ رُعْبٍ اسْتَسابى
///
فَكَمْ مِنْ خافِقٍ شَهِدَ البَلايا
وَلم يَغْفَلْ عَلى كَمَدٍ عَذابا
///
فَرقْصُ المَكرِ يَجْثو في طَواهُ
كَما الأَفْعى تُحيلُ دماً ذرابا
///
فَفي المَنْفى حَياةٌ في النًّوى
وَ في الأَوْطانِ مَوْتٌ اسْتَطابا
///
وَ لِلحُرِّيَّةِ الصَّمَّاءِ وَعْدٌ
لِذي أَمَلٍ يَهُزُّ الوَجْدَ بابا
///
عَتَبْتُ عَلى شَفا هَضَباتِ روحي
أُداري عَنْ حَشاها الاِضْطِرابا
///
وَ عِشْتُ أُهَلّلُ الكُرْمى سَبيلاً
وَ أَرْقُبُ عُقْرَها السَّابي مَلابا
///
حَفِظْتُ حِمى بِلادي في فُؤادي
بِأَنْ أَتَجَرَّعَ المَسعى شَرابا
///
فَيا شَغَفي اليَبيسَ بِلقاهُ ماضٍ
أَنا المُلْتاعُ شَوْقَاً وَ انْتِسابا
///
مَواكِبُ خافقي في سارياتٍ
تَرومُ سِراطَ كَبْدٍ قدْ أصابا
///
وَ فَألاً دونَ قَسْرٍ يَرْتَقيهِ
أَسى مُقَلٍ تَشي مَعَها جَوابا
///
فَما عَرَفَ الذَّليلُ جَنى كِرامٍ
وَ ما عَرَفَ الشَّريفُ سُدىً وَ صَابا
///
تَميسُ قُدودُ حَربٍ في رَغامٍ
كَما تَخْبو الأَفاعي اِصْطِخابا
///
يُعاتِبُني سَبيلٌ أَجْتَبيهِ
وَ أَعْلَمُ أَنَّهُ الأَمَلُ المُحابى
///
وَ يُقْلِقُني الحَنينُ كَما تَداعَى
شُعورٌ في الخَوافي واسْتَجابا
///
يُراوِدُني طُموحُ هَوى تلَقَّى
مَكارِمَ قَلْبيَ المُشْتاقِ غابا
///
فَلَوْلا الكَرْبُ ما ضَّلَّتْ دُروبٌ
وَ لا شَهِدَتْ نُفوسٌ اِغْتِرابا
///
فَلَيْتَ خُيولَ أَفكارٍ تهتدي
عَلى سُبُلٍ وَ تَسْتشْفي المَآبا
///
بِأَنْ تَهَبَ النُّهى صدق الرؤى
و تَمْنَعَ في الرَّوابي احتِطابا
///
صَلاحُ الصَّبْرِ بِالأَخْلاقِ يَعْلو
وَ دَرْكُ العَدْلِ يَسْتَجْدي اللُّبَابا
///
وَ صوت جيادِ عزمٍ يعتفيها
هدى في المُجْتَبى يَرْجو الجنابا
///
رَجَوْتُ مُنى وَ قدْ أَعْقَدْتُ حزماً
وَ بِتُّ أَوَدُّ عِلْما لا يُصَابى
////
يُلاقيني حَنينُ صَداهُ دَوْمَاً
يَقيناً مِنْ صُرُوفِ هوى تَغابى
///
فَمَنْ يَتصَيَّدُ الأَفْعى جُزافا
يَخوضُ غِمارَ حَرْبٍ لا تُحابى
////
فَما للسُّمّ في المأوى خَيارٌ
إِذا ما الدَّيْدَبانُ هَوى رِهابا
///
فَيا رَبّي بِفَضْلِكَ عِمْ سَلاماً
فَقَدْ أَيْقَنْتُ أَنَّ رِضَاكَ غابا
///
فَمَنْ ذا الآمِرُ النَّاهي سِواكَ
وَ أَنْتَ الخالق الباري ترابا
///
دَعَوْتُكَ راجِياً يا ذا العطايا
بِأَنْ تَهَبَ البَرى أَمْنا مُجابا
///
فَما يُرْجى سوى كرمى رِضاكمْ
وَ قَدْ جازَيْتَ أفئدةً تُحابى
Ali Molla Nasan
Oslo 25-12-2018