لأنني أنا

ماجد الدجاني | فلسطين

لأنني أنا
لم أسرق النيران
وما سرقت مرة حلوى من الصبيان
ولا كسرت غصن ليمون ولا طعنت
نخلة ولم أخن
أحدا من الجيران
لم أشهر السلاح يا مدينتي
لم أزرع الدموع في الأجفان
لكنني رفضت دونما تحفظ
مع سبق إصرار
مذلة القيود والسجون والسجان
في الفكر في الفؤاد والوجدان
والمشي فوق حبل أزمتي كبهلوان
كتبت للحقول للنخيل
للطل في خدود الزهر للشروق للأصيل
لموزة لبرتقالة لسروة وظلها الظليل
كتبت للسفوح والسهول
لقبة الصخرة للمهد
للجليل
كتبت للدراق والخوخ وللتفاح والكروم في الخليل
لكنني اتهمت بالإخلال بالنظام
وأنني أحارب السلام
وأن خطوتي إجرام
ونظرتي وبسمتي وهمستي
جميعها إجرام
وأنني أحرض الجميع للخروج عن أوامر الإمام
وأنني أدعو إلى العصيان
في عالم يحارب الأقلام
يحارب التبيين والبيان
يخنق إنسانية الإنسان
ويفتح المحاضر
للكتب والدفاتر
للفكر واللسان
كم اتهمت أنني
أسير في ملاعب الصغار في مجالس الكبار
أوزع الأحلام ازرع الشفاه بذرة ابتسام
نعم أصابع الحروف تفتح الطريق للضياء
كي يبدد الظلام
أقول: في غد يصير كل ظالم في قفص اتهام
أقول في غد ينقشع الغمام
وتقفز الشمس التي تعصبت عيونها
فراشة زهية الضياء
تدور في حدائق السماء
في فمها قيثارة،
تدندن الألحان
وتنهض السهول من سباتها
ترفل بالندى والأقحوان
وترتدي غلالة زهية الألوان
تباشر الغناء
تمد كفها تعانق الفلاح
و تشرب الأنخاب
وتقرع الأقداح
نخب الذي استراح
من قيد الانفتاح والحصار
..وذل الاجتياح
وتنكأ الجراح
. و.. يسمع الأطفال شدو حسون وعندليب
للفجر والمغيب
ويضحك الزمان من غباوتي
يقهقه الصباح
لم اسرق الأولمب يا مولاي إنما
رفضت أن أبيع عزة الجبين
بحفنة من الطحين
ولتر مرجرين
رفضت أن أدوس جبهة الأشعار
رفضت أن أقايض الإباء
ولون الانتماء
بمكتب فخم الأثاث فيه
سكرتيرة حسناء
تريد يا مولاي في مرسومك الأخير
أن تغلف العقول
وأن يكون دائما لساننا مكبلا
وفمنا مقفول
وأن نصاب بعد كل خطبة جوفاء بالذهول
تريد أن نظل كالغثاء
تجرفنا السيول
وان تدور الكرة الأرضية
ولا نحس بالمناخ أو تعاقب الفصول
لكنني ككل شاعر
رفضت رغم حنقك التنازل
رضت فكرة التآكل
رضيت بالجراح والنزيف
ولم أقايض الإباء بالرغيف
حملت صخرتي إلى القمم
كتمت في الضلوع آهتي
لو أعبد الصنم
لم يعمني البريق
لأن خطوتي تحدد الطريق
أمّيز السموم في الدسم
وأستلذ آهة العناء في تسلق القمم
ونمت رغم القيد والجراح ملء أعيني
وأنت في فراشك الوثير لم تنم
لم أسرق النيران لم أُزور العنوان
لكنني رضيت أن أعايش الأحزان
لكي يظل المجد للأطفال للإنسان
وتورق الأغصان
ويرحل الشوك عن البستان

هامش:

تقول الأسطورة: أن سيزيف اغضب الآلهة فعوقب بحمل صخرة إلى القمة وكلما وصل تدحرج إلى السفح وهكذا…..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى