قراءة في ديوان ( أواخر ديسمبر ) للشاعرة المصرية دينا لطفي
بقلم الأديبة والإعلامية المصرية | وداد معروف
“حينما تتوه الأنثى في عيون رجل”
دينا لطفي شاعرةُ عامية، نشرت أول دواوينها عام (٢٠٠٤) وهي مواليد ١٩٨٣، إذًا فقد بدأت مشوارها مع شعر العامية وعمرها أقل من العشرين عاما، فقد نشرت ديوانها الأول وهي بعد إحدى وعشرين عاما، وهذا شيء يحسب لها.
أهدتني ديوانها السابع هذا ونحن في رحاب قصر ثقافة دمياط الجديدة، منذ أسبوعين، قرأته ووجدت فيه ما يستحق أن ننوه له، وأيضا ما يستحق أن نطالبها بتداركه. نبدأ مع الغلاف فنجد شموعًا مشتعلة، وديوانَ شعرٍ بجانبها ونظارة تشبه نظارة دينا نفسها، وزجاج النافذة تظهر من خلفه أضواء المدينة والمباني، كأنها ظلال يتداخل فيها الضوء الشحيح، أما الإهداء، فقد جعلته إليه ووصفته بأنه أجمل وأصدق قصيدة حب، ولا غرابة فالشاعرة لم تتغنَّ إلا الحب، ولم تذب إلا في عيون المحبوب . يحتوي الديوان على ٣٥ قصيدة بالعامية المصرية، وكلها في هذا الكائن المدهش والمبهر و(حتة ولد و أبو غمازتين ، والواد الحلو …ووو) إنه الرجل. ومن قصيدتها (ما نيش شايفة لجمالهم ند) تقول: ضعفت قصاد عينيك جدا، وبترجاك تداريها، عشان قلبي ماهوش مفطوم، أخاف لحسن يقع فيها . وشاعرتنا تغنت في عيون المحبوب من أول ديوانها هذا حتى آخره؛ باستثناء أربع قصائد تحدثت فيهن عن الحبيب الغادر، ذلك الرجل الذي كانت المرأة بالنسبة له مرحلة أو محطة يتوقف عندها لمحطة أخرى، فمن قصيدتها (بنتاعير) تقول :قلوب من قلبي بدعيلهم، ينولوا جنة العاشقين، إلٰهي يا رب ترزقهم، بحب يملوا بيه العين، ساعتها بس هيدوقوا، جمال الحب والفرحة . وهنا نتذكر العم بيرم حين قال: (يا ريت حبايبنا يا رب ينولوا ما نلنا يا رب، يا رب توعدهم يا رب ) شعر دينا بسيط سهل، تشعر أنها تغني بكلامنا العادي أغنيات للمحبوب دائم الإدهاش صاحب العيون الحلوة التي أشبعتها غزلا في هذا الديوان، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجدها تصف عيني المحبوب؛ الذي تسميه أحيانا: الواد زياد وأحيانا تسميه الواد الحلو، والواد الهويس، والواد إياه، تصفه بجميل القد، واللي البحة في صوته قافية وتفعيلة، وأن روحه حظاظة إزاز! تصف حضنه بأنه فاره، وأنه مقام وبتطوفه، وإن عينيه طعمها ملغمط محبة، وعيونه بتغويها بغرامه القادر، الكثير الكثير وصفت به عينيه، ومن قصيدتها (بلفت نظر الناس) تقول: الواد الحلو أبو غمازة، أبو صوت وناس بيخربش، جوة قصيدتي، ويلفت نظر الناس، الدفء مبيِّت في كلامه، طب يا دي النيلة البحة في صوته لواحدها قافية/وتفعيلة، تحدثت دينا عن الحبيبة التي تدلهت في الحب، فهو سيدها ولو شاء كانت خادمته طوال العمر، وهذا ما أخذتُه عليها، أنها جعلت من المرأة كيانا هشا ضعيفا، لا يقوى على مقاومة، أو حتى التماسك أمام سحر الرجل الذي بالغت فيه، ونسيت سحر المرأة؛ الذي هو دائما الذي يقلب تلك المعادلة، فكانت الأنثى في هذا الديوان؛ هي التي تتغزل في الرجل وتشاكسه وتقول له: ليتك تنظر إليَّ، أنا أضعف من أن أقاوم سحرك، فهي من غير أن تغازله شعرا سيكون شعرها فاضي، كما قالت في قصيدتها “بدون مونتاج”: كل الشعر خلاص بقى فاضي، هاكتب بس في إيه من تاني، عمر حياتي في يوم ما ها تحلى، ولا هايحس القلب دفاه، لو ما كانتش حقيقي مشاعري، ليها حبيب يديها حياة، استخدمت الشاعرة كلمات من عصر التكنولوجيا متأثرة بثقافة الواقع الذي نحياه، فقالت: في “رسالة عشق”: اتحفظت جوة جهاز آي فون، خلاني أوزع إحساسي في جيوب النص، مشهد مشطوب، صممت أزرع صورتك وأركبها في القرنية، أما حين تحدثت عن غدر الرجل فكتبت قصيدة بعنوان “مش هاممني”: وهي ناقصة وهاتعرف عنهم، وبقى شكلك بايخ، والتي قالت فيها: وازاي بتوافق على ذلك، وبترضى ازاي على تهميشك ما تفض السيرة وريحنا /ما تسنكر بالجامد شيشك. في الختام. نحيي تجربة الشاعرة دينا لطفي، ونتمنى لها مزيدا من النجاحات، ونهمس في أذنها أن هناك من الموضوعات ما يستحق أن ينال اهتمامها، وأن أربعة عشر عاما كافية جدا لمشاكسة عيني الرجل والهيام فيها، فادخلى بقوة على القضايا الأخرى واذكريها بغنائك.