أخجل من جدتي إذ تراني أبكي

أحمد صفوت | مصر

 

أنا

الماثل هنا أمامي

لا أشبهني

ربما يشبهني الوجه إلا قليلا

العيون قليلا ما تتغير

لكن الشعر الرمادي قد فقد آخر قطرات السواد

لا أشبهني فقد كنت أدمن في الماضي الغناء

شاركت بكورال المدرسة

دندنت في عزلتي الأغاني والقصائد التي تشبهني

ولا أدر كيف تحولت من مؤد للشعر إلى منشيء للقريض

لا أشبهني

فقد كنت ابتدعت أمان كبار

وكنت واثق أني في الغد أحققها

وكنت ألون أيام الحصار بقدوم الراحلين

وكنت أكسر ملوحة الدمع بكثير من قوالب السكر في الشاي

وأعشق التمر لأنه ينسيني ملوحة الفقد

لا أذكر أني قاربت القهوة إلا في مأتم جدتي

فقد كنت أسيرا لتعاليم أبي الصارمة

فالقهوة كالدخان للكبار فقط

وأسألني الآن

هل أضعت في انتظارك للراحلين

وفقدهم بالوهم الجميل

الذي كان (ككباس وابور الجاز) نزيده نفختين من الهواء كلما خبا

وليس كمفتاح موقد الغاز الذي يسعر نيران بحركة بسيطة

كنت أحتمي بصدر جدتي

فهي أمي الأكبر

على أي حال لم تشعرني بفقد أمي طول حياتها

وبقيت أمي ذكرى محجوزة في رأسي تؤرقني كثيرا بين الحين والحين

وتضغط احيانا على تجويف عيني لتذرف بعض الدموع التي تسيل لعابا مالحا في الحلق

وحارقا في العيون

ثم أخجل من جدتي إذ تراني أبكي

فجدتي لم تبخل بكل حنان الأمومة حتى أذكر أمي بالدموع

فأمسح دمعي سريعا واهرب في الغرفة البعيدة حتى لا تلمحني أمي الكبيرة

نحيت أحزاني حتى انفجرت برحيل امي الكبيرة وفراغ البيت حولي

إلا من مضايقات (… المزيفة)

هرمت في أول العمر

كان ألم الأسنان يمزقني أربا ولم أكن أعلم أن صحة الأسنان مرتبط بالسعادة

وان العكس صحيح؛ أي يضرهم  (الحزن الشديد … الاكتئاب) حين تكرر الألم كل شهر أو نحو شهر

هل اشبهني أنا الذي بنى حلما كبيرا بجنب الراحلين ولم يحققه

فقد حاولت مرتين لكن كل شيء حولي كان يحاربني

حتى أسلمت له بأنه الصحيح وانا أعرف يقينا أنه الخطأ

كل شيء من الواقع الخرب والقوانين الخربة

ما عدا أمر الله بالبر

كان الوحيد الذي يسكنني

كان الوحيد

الوحيد

الوحيد…

لي الله….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى