حَبَّة المِلْح.. قصة قصيرة

موزة المعمرية | سلطنة عُمان

لازلت أذكر “كورديليا” ابنة الملك “لير” وحَبَّة المِلح, حيث ربطت كورديليا مِقياس حبها لأبيها بمقدار حَبَّة المِلح, بطبيعة الحال الملك لير غضب من ابنته لمُقارنة حبها له بحبة الملح, ولكن عندما أدرك حقيقة الأمر تفهَّم منظومة حبها له وأدرك بأن حبة الملح دونها لا طعم للحياة, وعلى كل حبة ملح أن تذوب في مكانها المُخصص لها لتُعطي لذة وجودها, أمَّا في منظُومة الحياة الكونية توجد بعض من المُسَلَّمَات علينا أن لا نغفل عنها, ومن ضمن هذه المُسَلَّمَات بعضًا من تكوينات بشرية محدودة القُوى والمَضْمُون, ولكنها مُهمة في مكانها المُخصص لها لتنبثق لنا في ملكوت كوننا السرمدي كحبة الملح الصغيرة, ولكن مفعولها ذا جوهرٍ ملموس، وسأذكر لكم بعضًا من حبات الملح هذه؛ المُعلم مثلاً بإمكانه أن يكون تلميذاً، ولكن التلميذ من الصعب أن يكون معلمًا, الطبيب بإمكانه أن يكون ممرضًا، ولكن الممرض لا يمكنه من أن يكون طبيبا, الممثل بإمكانه أن يصبح مذيعًا، ولكن ليس باستطاعة أي مذيع من أن يكون ممثلاً، المؤلف بإمكانه أن يصبح مخرج, ولكن ليس كل مخرج بإمكانه من أم يصبح مؤلفًا, القبطان بإمكانه من أن يكون راكبًا في السفينة, ولكن لا يستطيع الراكب من أن يقود ذات السفينة, الطيَّار بإمكانه من أن يكون مسافراً, ولكن لا يستطيع المسافر من أن يكون طيَّارًا يقود ذات الطائرة, القيادي يمكنه أن ينجح في أية مهمة، ولكن ليس أيًّا كان بإمكانه من أن يصبح قياديَّاً.

الفحوى من كل ما ذكرت، هو أنه علينا من أن ندع كل حبة ملح منا أن تذوب في مكانها المُخصص لها فدونها الحياة لا طعم لها, ولا رونق, ولا عبير, ولا تعبير, ولا وجود, لكلٍ منا عظمة, فليبحث عن تلك العظمة الكامنة فيه ليكون حبة ملح تعطي لذة وجودة في حياتنا الكونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى