محاربو لوحة المفاتيح
بقلم: الأسير الفلسطيني أسامة الأشقر
المكان وزارة الخارجية الإسرائيلية – دائرة العلاقات الدولة وهي ثاني أكبر قسم في الخارجية الإسرائيلية، داخل هذه الدائرة يعمل فريق من المختصين والخبراء بالمجال الإلكتروني على ما يعرف بالدبلوماسية الرقمية، يتم انتقاء هذا الفريق بحيث يكون كل أعضائه من الشباب الذين اثبتوا قدرة فائقة في المجال الإلكتروني وهم يعملون وفق برنامج واستراتجية واضحة المعالم حيث يستخدمون أكثر من ثماني مئة قناة على اليوتيوب وغيرها من الوسائط الإلكترونية، ويتواصلون مع متابعيهم بأكثر من خمسين لغة ويبلغ حجم متابعيهم الشهري أكثر من مائتي مليون شخص من كل أنحاء العالم، هذا الفريق الصغير أطلقت عليه الخارجية الإسرائيلية لقب محاربوا لوحة المفاتيح، ومن هذا الاسم نعرف الغايات الكامنة خلف إقامة هذا الفريق. إذا فهي حرب تخوضها إسرائيل بكامل قوتها وقد خصصت لهذه الحرب أفضل العقول الإسرائيلية وذلك لإدراكها أهمية هذه الحرب على المدى البعيد ولما لها من تأثيرات عليها بعد عشرات السنوات حيث تقوم هذه الوحدة بتوجيه المتابعين والمشاهدين لكل ما هو إيجابي وذلك عن طريق شبان وفتيات صغيري السن وقادرين على إيصال رسالة مفادها أن إسرائيل دولة مسالمة وتحب الجميع وتطمح للتعاون مع كل دول المنطقة وأنها لا تسعى للحرب كما يقال وهي دولة متقدمة تكنولوجيا وطبيا وصناعيا وهي تستطيع خدمة كل جيرانها وتقديم العون لهم ،كما يقومون وبطريقة سلسة ومدروسة بعرض الأماكن السياحية والمواقع الأثرية والأماكن الدينية وذلك لجذب المتابعين والتأكيد لهم على أنهم لن يجدوا أفضل من هذا المكان ليقيموا فيه أو يتعاونوا معه وتقوم هذه الوحدة وبشكل ممنهج بتكرار هذه الرسائل عشرات الآلاف من المرات والغاية من ذلك هو تغير الصورة النمطية عن إسرائيل، فإسرائيل تدرك يقينا أنها لو طبعت مع بعض الأنظمة العربية وتعاونت معها وأخضعتها لإرادتها فهي لن تستطيع إخضاع الشعوب التي ما زالت مواقفها ثابتة من القضية الفلسطينية، فبحسب تقرير سابق لوزارة الشؤون الاستراتجة الإسرائيلية يؤكد بأن %90من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي العرب مؤيدين للحق الفلسطيني وما زالوا يدافعون عن حق الشعب الفلسطيني بتحرير أرضه وإقامة دولته، ولهذا فهي تعمل جاهدة ومن خلال جهد مكثف واستراتجية بعيدة المدى على محاولة تغير المزاج العام لدى الشعوب العربية فهم لا يتطرقون ولا بكلمة واحدة عن الاحتلال والقتل ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وهدم البيوت والعقوبات الجماعية على الحواجز وترويع الأطفال الصغار الآمنين في المنازل أو تهويد القدس وإغلاق الحرم الإبراهيمي ومنع الأذان فيه أو التضييق على الفلاحين ومنع المزارعين من الوصول لأراضيهم أو الصيادين من الصيد في عرض البحر هذه الاستراتجية التي لا تظهر إلا الجانب الذي يخدم مصالحها وأهدافها ولا علاقة لها بما هو كائن على الأرض أو بما هو حقيقي وذلك لتضليل الرأي العام العربي و العالمي عن كل ما يحصل داخل فلسطين من جرائم وإظهار ما يحدث في إسرائيل من أمور إيجابية .