كلمات في انتصار الجوع على الخوف
خضر محجز | فلسطين
حين يتصارع الجوع مع الخوف، فعلى المهيمنين أن يخافوا، لأن انتصار الخوف لا يطول. فسرعان ما ينتصر عليه الجوع.
فإذا جاع الناس، فإنهم لن يقبلوا بالحلول الوسط، التي يدخرها المهيمنون لتلك اللحظة.
حين تخرج الجماهير تطالب، ويتلكأ المهيمنون في الاستجابة، إلى أن ينتصر الجوع على الخوف، ويتزايد الغضب؛ لا تعود أوراق اللعبة في أيدي المهيمنين.
ربما يحلم المهيمنون الآن ـ وهم دوماً يفعلون ـ بتأخير الاستجابة لمطالب الجائعين، إلى اللحظة الأخيرة. لكن اللحظة الأخيرة عند الغضب، يحددها الخاضعون السابقون، الذي نبذوا الخوف بفعل الجوع، وتحولوا إلى ثوارٍ يشعلهم الغضب..
مثال ذلك أن مبارك، حين أجل استجابته لمطالب الجماهير، حتى أغضبها، ثم استجاب لها فيما بعد متأخراً، كان الوقت قد فاته.
كانت الجماهير قد قررت رفع سقف مطالبها، فلئن كانت قد طالبت في البداية ببعض الإصلاحات، فإن تأخر مبارك وجماعته في التنازل، أغضب الجماهير أكثر، بحيث رأت في الرئيس المصري رجلاً يحاول تقديم القليل، مقابل تضحيات كبرى.
ولو كان قد تنازل قبل التضحيات الكبرى، لربما كانوا قد قبلوا منه. لكنهم رأوا فيه شخصاً يرغب في شراء بضاعة جديدة، بثمن قديم.
بعد التضحيات الأكثر التي قدمتها الجماهير، كان الطبيعي أن تصبح مطالبها أكبر.
ولذا فحين تنازل أخيراً مبارك، وعين أحمد شفيق رئيساً للوزراء ـ وكانت الجماهير من قبل تطلب أقل من ذلك ـ رفضت الجماهير هذا التنازل الذي صار الآن صغيراً، أمام تضحياتها. وطالبت بسقوط الرئيس ومؤسسته كاملة.
الحمير وحدهم من لا يقرأون التاريخ.
أنصح المهيمنين بألا ينتظروا اللحظة الأخيرة، حين لا تقبل الجماهير ما يقدمونه متأخراً، وتطلب رؤوسهم.
رؤوسهم فحسب.