مشهد من الحياة…

سجاد الحجي |العراق بابل

أتذكر في أول حصَّة لنا في التشريح
كانت وجوهُ الطلبةِ يعتريها الخوف
كُنا على ما أظن خمس عشر تلميذاً
من كل الجنسين
نرتدي ثيابًا متشابهة اللون
قال لنا الدكتور المسؤول على تمزيق الجثة التي ستأتي بعد قليل :
عليكم أن تخلعوا هذا الخوف المتلبسكم حالاً
وترمون به من أقربِ نافذة
كان صوته حَادا كالشّفرة
ويلمعُ صداه مثل جبهة سكين ..

على هذه الأثناء
وقف بجانب السرير الذي يحمل الجثّة
رجلان متمرسانِ على الرعب
وضخمان كما يبدوا من عظلاتهما
المنتفخة بحمل الموتى من الثلاجة
إلى جحيم المشرحة…

على ما يبدو من طريقةِ تمديد الجثة أن صاحبها رجل متعب
في حياته السابقة
وإلا كيف انتهى المطاف بجسده بين أيدي التلاميذ
المقبلين على تمزيق الجثث !

قبل أن يرفع الدكتور المسؤول
الغطاء متر من التشوه
عانق الصمت صوت شابتين
قبل زوال رقتهما والفزع تغلغل بداخلهما
مع فقدان الوعي
أصر الدكتور أن يزيل كامل الغطاء
عن الجثة
بصوته المالح قال :
الآن أريد من أحدكم أن يفسر لي أسباب الموت الذي جعل
هذا الراحل ي…؟
أسرعت قائلاً :
أظن قد رحل من هلع المشارطِ
عندما أدخلوه هنا آمِنًا..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى