بائع الباذنجان ينادي بأعلى صوت

د. أمجد ريّان | شاعر وناقد مصري 
..
في كثير من الأحيان أعود للطفولة :
فأتذكر ألبوم الطوابع الذى كنت أمتلكه
وأتذكر ريش الطيور
والقواقع البحرية
وقطع الزلط ذات البريق المنكسر .
.
لماذا لاتستطيع الكلمة
أن تطرح كل مافيها من معنى ؟
لأن الأسواق ممتدة أمامى :
أكوام الكرنب ، والخرشوف ، والفلفل
مرصوصة على العربات الخشبية
والبشر يتزاحمون ويفاصلون ويناورون
البشر هم الذين ينتجون وجودهم .
.
حين نخرج للنزهة
فنحن نسعى لاقتناص المسرّات
ولكن هل هناك ذاكرة تتسع
لكل الهيئات الساحرة للفتيات الصغيرات
أو تتسع لكل المعاني الجميلة التي نستخلصها من قلب الركام .
.
فى الطفولة فككت دراجتى مثل الميكانيكى
فتحولت إلى صواميل وقطع معدنية وقلاووظ
واكتشفت بعد ذلك
أنه يمكن أن نفكك كل شىء إلى معطياته
واكتشفت أن الكلمة تطرح بعض ما فيها فقط من معنى ،
والباقى يظل مختبئاً وغامضاً وكونياً .
.
الدنيا غالباً خارج إرادتنا
وليس أمامَنا طوال اليوم سوى كوابيسِ النهار
وليست الكلمة سوى رمز :
كل بداية تتصل بالديمومة
ولافتات إعلانات لا تحصى على امتداد الأفق :
ونحن نحتمى بالألفة ، ونظل طوال اليوم
نتبادل الكلام البيتى .
.
المعانى التى تبكينا فى لحظة
قد تبدو غير مؤثرة فى لحظات أخرى .
وأنا لازالت فى ذاكرتى
الأكلمة البنية والسجاجيد ذات الزخارف الحمراء
والشراشيب المستكينة فوق البلاط
فأسأل نفسى :
هل ما حدث يمكن أن يتكرر ثانية ؟
.
لاتملك الكلمة سوى الاحتمالات
حتى حين أخرج مبكراً وأرى الحياة :
كيف تستيقظ طازجة فى الشبابيك
وكيف تتفتح في الشوارع .
وفوق تسريحات البنات :
ليست هناك سوى الاحتمالات
فقط الاحتمالات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى