انتخابات الاستغفال

عدنان الصباح | فلسطين

تتزايد قناعتي يوميا للأسف إلى أننا لن نصل إلى صناديق الاقتراع وأن البديل هي الفوضى وتكريس الانقسام وأن ذلك يعني أنه لن يعود بإمكان أحد الحديث عن الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام بعد أن قبل الجميع بحالة الانقسام القائمة كأساس لانتخابات تم الاتفاق عليها بين المنقسمين أنفسهم أولا وبعد أن قدموا للشارع الفلسطيني نموذج يشبه الأعجوبة نختلف في الواقع ولا يوجد أي قاسم مشترك لا سياسي ولا أيديولوجي ولا ما يحزنون ومع ذلك نجد طريقا للاتفاق على إجراء انتخابات شاملة يقودها المقسمون انفسهم والأنكى من ذلك أنهم يجدون القدرة الذاتية على الإعلان عن إمكانية خوض الانتخابات بقائمة مشتركة بين فتح وحماس دون أن يعنهم تقديم تفسير مقبول لمثل هذه الفكرة.

يبدو أن الشعب مغلوبا على أمره قد صمت عن حكاية الانتخابات في ظل الانقسام ويبدو أنه قد قبل حكاية ميثاق الشرف ولكن ماذا سيكون موقف الشعب من حكاية القائمة الانتخابية المشتركة وكيف سيكون نوع برنامج هذه القائمة السياسي مع تناقض تام في الرؤيا والبرامج السياسية بين الطرفين ففتح تعلن رسميا وبلا تردد التزامها باتفاقيات أوسلو في حين تعلن حماس رفضها المطلق لهذه الاتفاقيات فما هو المشترك فتح تعلن أن المقاومة الشعبية هي طريقها للتحرير بينما تعلن حماس المقاومة المسلحة أساسا للتحرير وفتح تعلن قبولها بحل الدولتين بينما تعارضه حماس باستمرار وفتح تعلن عن سلاح واحد هو سلاح السلطة بينما تصر حماس على سلاح المقاومة.

أيا من الاختلافات أو التناقضات السابقة لم يتم حله أو تجاوزه ولا أحد يدري كيف يمكن لذلك أن يحدث بعد الانتخابات المأمولة ولقد سبق لنا وإن جربنا انتخابات 2006 وكيف جرى التعامل مع نتائجها ويعرف الشعب الفلسطيني أن شيئا لم يتغير لا في واقع الحال ولا في من صنعوا واقع الحال هذا فكيف سنرجو إذن نتائج مختلفة من نفس المصنع والصانع وكيف تسمح جميع الفصائل بلا استثناء لنفسها أن تتحدث عن تحالفات دون أن تتذكر حجم الاختلافات اللهم إلا إذا استطاع الجميع بلا استثناء من تنفيذ ما جاء على لسان حسام بدران من الوصول الى قائمة إجماع ووطني ببرنامج سياسي شامل يمكن تسميته ببرنامج الحد الأدنى يصبح برنامجا للكل الفلسطيني.

إلى جانب ما يجري الحديث عنه في العلن عن احتمال تشكيل قائمة مشتركة هناك صراع محتدم تحت الرماد يغذيه الانقسام القائم ولقد اعتدنا أن تنفجر شرارات الرماد مرات ومرات بعد كل اتفاق فيتم تدمير كل شيء ببساطة فالساحة مليئة باللغط والاختلافات وبقاء الانقسام والمنقسمين فتح شهية الجميع على هذه الانتخابات فظهرت العديد من الأصوات وانشغل العديد بفكرة قوائم جديدة وسعت الفصائل الصغيرة الى ايجاد مكان لها على الخارطة والكل يعتقد أن الشعب قد يعاقب فتح وحماس على ما فعلوا.

الانقسامات المعلنة في فتح لن تضر بفتح بل على العكس من ذلك ستفوت الفرصة على كل من يعتقد انه سيحصل على أصواته من جمهور فتح وحماس والحقيقة قطعا خلاف ذلك وهي أن الغاضبين من فتح اليوم سيذهبون إلى قوائمها الجديدة وستعود حماس إلى جمهورها فقط وستخسر ما ربحته من الانتخابات السابقة اولا لأنها ستظهر على انها تخلت عن برامجها وقبلت ببرنامج فتح ثم أنها ستظهر على أنها تنازلت عن الاختلافات السياسية مع فتح ولم تتنازل عن الانقسام وبالتالي الغاضبين من فتح سيعودون إليها من الأبواب الخلفية بينما الغاضبين من حماس لن يجدوا بابا ولا شباكا للعودة إليها منه كون حماس حركة موحدة وحديدية التنظيم ولا يبدو أية خلافات في داخلها بالمعنى الحقيقي او الظاهر علنا وان وجدت هذه الخلافات فلا قيمة لها على الحركة وعلى تماسكها اما الفصائل الاخرى فقد لا تجد فرصة لها في مقعد واحد إن لم تتوحد جميعا في قائمة موحدة وبرنامج موحد يعيد للشعب الأمل وهذا ايضا ينطبق على عديد قوائم المستقلين التي يجري الحديث عنها خصوصا وان هناك عزوف ظاهر عن الرغبة في الترشح لدى قطاعات واسعة من المعنيين والمهتمين بالشأن السياسي وهو ما يجعل من نتائج هذه الانتخابات ان حدثت تكريسا لما هو قائم إن لم يكن بشكل اسوأ مما هو عليه الآن.

باختصار شديد فان ما يجري اليوم من حديث عن تحالفات بين المتناقضين وعن بحث عن أسماء ومسميات لقوائم وأشخاص وقوى دون الاكتراث برأي الشعب ولا بما يفكر به ولا بما يريد هو مواصلة استغفال واستبعاد للشعب وكان المطلوب من هذا الشعب هي مهمة البصم لا أكثر ولا أقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى