أدب

استعن بالمعنى

الشاعرة قمر عبدالرحمن | فلسطين 

يا عشّاق فلسطين، هذا زمان الرّاقصات والرّاقصين
لا ترتدوا السّواد، فلن يطول عبث العابثين
فقط ذهبت لهفة العقل في إجازةٍ، مع جسد المائلات والمائلين
سأشرح أكثر.. إن أردت شيئًا من هذا الزّمان ارقص! ارقص بفمك.. ارقص بعينك.. ارقص برأسك.. ارقص بكلماتك
ارقص أمام الشّاشات.. ارقص وسط السّاحات.. ارقص لجمع التّبرعات

ارقص كلّما سمعت إنسانًا يعبر عن قضية
ولم لا ترقص؟! منذ زمنٍ وهو يرقصون على جسدها
منذ زمنٍ اعتبروا.. فلسطين أغنية!

ولم لا ترقص؟
كلّ شيءٍ معرّضٌ للاعتقال
رأيك.. قصيدتك.. بيتك.. حسابك الشّخصيّ.. وكلّ من تحبّ!
إلّا جسدك إن مال!

هذا الزّمان كغيره من أزمان الخذلان.. هذا العصر أحمر
حتّى إن مررت اليوم بعصفورٍ.. تجده يسكر

خرجوا من باب التّاريخ العظيم ولم يعودوا
استبدلوا طاء الطّهر بالعين، وتركوا المسك والعنبر

دخلوا حروب الهيام، وانتصروا بها دون تأخّر
لا تسألوني: ما اسمهم؟ إنّ الحروف خجلى
وتستحي أن تجتمع في كلمة؛
حتّى الحرف ترفّع عن وصفهم واستخسر
فالحياء تبخّر.. والجهل تكبّر.. والغباء تفشخر
والخائن وسط المدينة يزمجر
والمخلِص يُجرّ من عنقه ويؤسر
والشّوك يطلق على نفسه زعتر

قال ليَ الحرفُ: إن اتضح الوصفُ
سأموتُ وسيموتُ اللَيلَك!
قلت: استعن بالمعنى لا أكثر
قال: تمامًا كما يُحارِب القهرُ لَيلَك

إذًا.. ما الجدوى من الكتابة؟
نكتب ولا نكتب إلا ما نحتاج

نكتب لأرجوحةٍ تنشر عبيرًا
نكتب لفراشةٍ تحيي غديرًا
نكتب لامرأةٍ تلبس حريرًا
نكتب لرجلٍ يغار كثيرًا
نكتب لوطنٍ يموت غزيرًا

نكتب ولا نكتب إلّا ما نحتاج
نحتاج إنسانًا ينزِع تابوت فكره، ويؤمن بالصّعود نحو الشّمس
نحتاج قائدًا قصره يشبه العرين
نحتاج قلبًا لا يُدميه الحنين
نحتاج شعبًا يُعجَن بماء جنين
نحتاج مثقّفًا يقف للقوافي ويبكي أمام الفنون
نحتاج شاعرًا يمشي خلفه الزّيزفون
نحتاج عاشقًا لا تُغيّره السّنون
نحتاج زيتًا لا يَقطر من العيون

نكتب ولا نكتب إلّا ما نحتاج
يا عشّاق فلسطين، هذا زمان الرّاقصات والرّاقصين
لا ترتدوا السّواد، فلن يطول عبث العابثين
ولا تظنّوا بالله الظّنونا، واجعلوا وعد التّحرير فيكم مسكونا
#مهرجان القدس الثّالث عشر للأدب والشّعر والفن
قاعة كليّة الكتاب المقدّس/ بيت لحم/ فلسطين 🇵🇸

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى