الهروب .. قصة قصيرة
د. أحمد حسين عثمان | مصر
حمل حقيبته التي وضع فيها بعض الوريقات وقلما صغيرا. لم يلاحظ أحد من الحاضرين تحركاته قطع التذكرة وأقلع بطائرته ووصل إلى حيث يريد، إنه السفر الأول من نوعه الذي يحدث دون حركة، إنه الرحيل الفريد الذي تم دون فراق …أو تلويح بالوداع تنهمر أثنائه العبرات ، إنه الإبحار إلى داخل الذات والسفر في أعماقها حيث هي.
أثناء رحلتي التقيت به ثم سرعان ما تحاشيت استكمال الطريق معه ،لكن بلا جدوى،ما سرت خطوة حتى ترآت لي ملامحه العفنة … وكلماته السامه، وبسماته الصفراء، كنت دائما أهرب من لقائه ،أبتعد عن نقاشه … أتحاشى سطوه وقمعه …لكنه أصر على المواجه وازداد إصراري في الهروب ، دخلت الشقوق ، عبرت المفاوز… شققت الأمواج المتلاطمة ، وشعرت أني ابتعدت عنه…. فجلست ألتقط الأنفاس … ولكني نظرت خلفي وجدته شاخصا ببصره كالبرق، ابتعد عني قدر أنمله ،دارت بعض الأفكار في رأسي لكن كان الانتصار لفكرة الهروب… حتى أصبحت كلماتي هروبا …. خطواتي هروبا …ضحكاتي هروبا ،نظراتي هروبا …. حتى أيقنت أن الهروب هو الصديق الذي سيلازمني بقية حياتي.