الشاعر الكبير د. عبد العزيز المقالح…شهادات واستذكارات

كتب: حميد عقبي

في ندوة ضمّت نخبة من الشعراء والنقاد العرب، نظم المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح، ندوة تكريمية تحت عنوان” شهادات واستذكارات في التجربة الشعرية لشاعر اليمن والعرب د. عبد العزيز المقالح”، مساء الخميس 25 مارس الجاري، بحضور نوعي، والمشاركون هم: الشاعر والناقد د. حاتم الصكر، الشاعر والكاتب عبدالرزاق الربيعي، الشاعرة د. فاطمة ناعوت، الشاعر عدنان الصايغ، الشاعر فضل خلف جبر، الناقد د. سعد التميمي، الشاعر والروائي د.همدان دماج. الشاعر د. أحمد الفلاحي، شذا الخطيب، وتابع البث المباشر للندوة المئات من محبي الشعر. وعلى مدار مايقرب من الساعتين تعددت الشهادات الثرية التي حاولت أن تختصر تجربة أدبية وإنسانية وصفت المقالح بايقونة اليمن السعيد وبوابته الثانية وأسطورة حقيقية مدعاة للفخر لكل العرب، وكثيرا ما ارتجف وأنا اعد واقدم وأحاول أن أختصر أدبيات ندوة مهمة مثل هذه الندوة ويصعب هنا الاختصار، لذلك سنأخذ بعض النقاط ومقتبسات وبالتأكيد من الأفضل العودة لتسجيل الندوة.

في البداية تحدّث د.حاتم الصكر، مرحّبا بأصدقاء المقالح، موجّهاالشكر للمنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح، معتبرا أن تكريم الأحياء من المبدعين، والمبدعات تقليدا حضاريا، متمنيا الشفاء لشاعرنا الكبير، وذكر أن رفقته للمقالح امتدّت أكثر من 16 عاما، وكان يلتقيه بصورة يومية، أو أسبوعية بحكم عمله، وأضاف” قبل ذلك عرفته شاعرا عندما كنت أدرّس باليمن الجنوبي قبل الوحدة مطلع السبعينيات من خلال المجلات الشعرية والنقدية العربية واليمنية ولكن معرفته الإنسانية تختصر كل المسافات، فالجلوس إليه مثل قراءته شاعرا وناقدا وأديبا موسوعيا… الشاعر د. عبدالعزيز المقالح بمثابة “سفير اليمن في اليمن” هكذا ما وصفته في زيارتي الثانية لليمن، فهو يقدم لليمن خدمات قد لا ترى بالعين العادية حيث يصطحب ضيوفه الذين يدعوهم من أنحاء العالم ليريهم اليمن الجميل والإبداع اليمني وهذا يؤكد بعده وأصالته اليمنية ومن هنا انطلقت إنسانية المقالح وذاع صيته عربيا وعالميا، كذلك امتاز المقالح ببعده العربي عبر احتضان شعراء ونقاد وأدباء عرب يستحضرهم للتدريس بالجامعة وكذا عبر ضيافات ومؤتمرات وندوات ومهرجانات كانت تنظم عبره وبرعايته، وكذلك البعد الإنساني في شعره ونظرته ومتابعته ليس للقضايا الداخلية اليمنية فقط، بل العربية والعالمية وتقديم وعرض إبداعات يمنية وعربية شابة.
لعل من الأمور التي اشترك فيها الجميع بهذه الندوة هي الإعجاب بالصفاء الذهني لهذا الشاعر العظيم، قوة الذاكرة والنظام، حب تنظيم كل عمل واصدار خاصة مجلة غيمان وهو لا يقبل الخطأ الصغير ويحرص بنفسه على التدقيق، كما أنه الثري في الإبداع كما وكيفا والحريص على القراءة ومتابعة الجديد من بحوث ومطبوعات وكتب وروايات وحرصة على الكتابة للصحف المحلية والعربية وللراديو والتلفزيون إلى جانب مهامه الإدارية كرئيس لجامعة صنعاء ومركز الدراسات والبحوث ومهام كثيرة لكنها لم تشغله عن الشعر يوما ولا عن النقد للحظة، كما يتمتع المقالح بصفة الصبر حتى للذين يسيئون إليه ويهاجمونه فلم يكن يميل للعدوات وهو شخصية متواضعة وكريمة، حليم لأبعد الحدود.
كثيرة هي النقاط المهمة التي ذكرها د. الصكر كصديق لشاعرنا العملاق، قبل ان يختم حديثه بنص شعري رسم من خلاله بورتريه شعري للمقالح.
ثم تحدّث الشاعر والكاتب عبدالرزاق الربيعي والذي هو أيضا رافق د.عبد العزيز المقالح لسنوات كثيرة وعرض لنا كتابه الأنيق “عبدالعزيز المقالح راهب القصيدة”، الذي ضمّ قراءات في بعض دواوينه، وحوارا طويلا أجراه معه، ومختارات شعرية، ووصف الربيعي المقالح بأنه” بلد في جسد” في ورقة أعدّها بمناسبة جائزة احمد شوقي التي منحت للمقالح عام٢٠١٩، مع الشاعر احمد عبدالمعطي حجازي، وأشار الربيعي الذي التقى المقالح للمرّة الاولى عام ١٩٩٤ صبيحة وصوله صنعاء، إذ أخذه صديقه الشاعر فضل خلف جبر، وقدّمه له، وكان قد نشر له نصوصا في الصفحة الثقافيةةالتي يشرف عليها في صحيفة٢٦ سبتمبر، فرحّب به ودعاه لحضور مجلسه الأدبي عصر اليوم نفسه، وحين حضر المجلس وجد المقالح محاطا بنخبة من كبار الادباء العرب على رأسهم الشاعر الكبير سليمان العيسى، وقال” إن معرفة إبداع المقالح تقودك لمعرفة هذا البلد بكل تألقه الحضاري والإنساني وبألمه وحلمه، فهو اختصر اليمن بجماله وبساطته، بإنسانها البسيط وعطائها وكذلك عمقها،فالمقالح يجعلنا نحب اليمن من خلاله، وقد توحّد باليمن، ويؤكد هذا قوله:
في لساني يَمَنْ
في ضميري يَمَنْ،
تحتَ جِلْدي تعيشُ اليمنْ
خلفَ جَفْني تنامُ
وتصحو اليَمَنْ،
صرتُ لا أعرفُ الفرقَ ما بينَنا..
أيُّنا يا بلادي يكونُ اليمنْ؟!
لعل من ميزاته الحس الإنساني فهو الأب والأخ والصديق والمعلم ودعمه القوي لكل المبدعين والمبدعات،واشار الشاعر عبدالرزاق الربيعي لنقطة مهمة هي ذلك الصالون الأدبي الذي ينظمه المقالح بمثابة مختبر نقدي حيّ أنضج مئات التجارب الشعرية، والسردية اليمنية، واستضاف الكثيرين من الضيوف العرب، وعدّد الربيعي أسماء عربية كبيرة مثل ادونيس وسلمان العيسى، د. عبدالرضا علي، د. سعيد الزبيدي، المرحوم ابراهيم الجرادي، عبدالملك مرتاض، سيف الرحبي، عز الدين ايماعيل، شوقي عبدالامير، كمال أبو ديب، وجودت فخر الدين ود.رشيد ياسين، ود.عناد غزوان، ود.عبدالإله الصائغ، وددصبري مسلم، ود.وجدان الصائغ، وغيرهم، إلى جانب الأدباء اليمنيين، وهذه نقطة ندين له بها، فهذه الشخصيات الثقافية، والاكاديمية أثّرت كثيرا في الثقافة اليمنية.
و ذكر الربيعي أن سلطنة عمان قبل سنوات عرضت على المقاح السفر للعلاج لأي دولة في العالم على حسابها، وكذلك الحكومة العراقية، وتواصلت معه بشأنها، لكن د.عبد العزيز المقالح، شكر كل المبادرات وثمّنها، وقال أن حاله مثل حال اليمن، خصوصا أنه يرفض مغادرة صنعاء منذ أكثر من أربعين عاما لم يسافر خارج اليمن، رغم أن موقعه يسمح له بالسفر بمؤتمرات والمهرجانات حتى أنه لم يسافر لاستلام جوائز كثيرة حصل عليها من بلدان عربية وأجنبية، وتحدّث الربيعي عن الشعبية التي يحظى بها المقالح في الشارع اليمني، وقال” حتى انني حضرت معه ذات يوم حفلا تكريميا للمطرب أحمد فتحي الذي كتب له أجمل أغانيه من بينها” اولاد آدم”، ومع دخولنا الباب ضجت القاعة بالتصفيق، ووقف الحضور تقديرا، وهذا لم يحدث عندما دخل أحمد فنحي ونحن نعرف شعبية المطرب إزاء الشاعر، ولكن شعبية المقالح كانت طاغية، ولقد أحبّه الجميع، وامتدت محبّته لعامّة الناس، ولذا لم أستغرب حين أشاهد كلما مررت بمكتبه في مركز الدراسات اليمني مجموعة من الفقراء يقفون عند بابه ليلبي حاجتهم، فيخرج لهم ويسلم عليهم، ثم يعطي مدير مكتبه محمد الشرفي حزمة من النقود يكون قد وضعها في مكتبه، ويطلب منه توزيعه عليهم!ورغم حالته الصحية هذه إلا أنه ظل مستمرا على الدوام في مركز الدراسات والبحوث اليمني الذي يرأسه منذ سنوات، ولو لثلاثة أيام في الأسبوع، وحين سألته عما يفعل في المركز والبلد في ظروف حرب، نحن نعرفها أكثر من سوانا؟ أجاب” أراسل المنظمات الإنسانية، وأناشد المثقفين العرب، والأجانب من أجل التحرك لايجاد حلول، وأنقل صورة للمجتمع الدولي عما يجري في اليمن، وتألمنا كثيرا ونحن نقرأ له
“أنا هالكٌ حتمًا
فما الداعي إلى تأجيل
موتي
جسدي يشيخُ
ومثله لغتي وصوتي
ذهبَ الذين أحبهم
وفقدتُ أسئلتي
ووقتي”
ثم تحدّثت الشاعرة د. فاطمة ناعوت التي وصفت المقالح بالعظيم والأسطورة وحكت كلاما مؤثرا عن زيارتها لليمن بدعوة من المقالح وكان حديثها عن زيارته لليمن 2004 وقالت كنت متشوقة للقاء به وعشرات الأسئلة تتدفق في رأسي هل سوف اصافحه ويصافحني واتكلم معه؟ فوجئت بأنه شخص بسيط، وكثير البساطة، والطفولة والرقي ولم أكن يومها مشهورة وأمامي منغصات كثيرة ولكن هذا الهرم الكبير يصافحني ويستمع لي ويعرف شعري وهذا فخر لآن من كان يحاربني صغارا وأقزام، الشي الملفت أن المقالح وهو الأديب والشاعر فهو نجم اليمن الكل يعرفه والكل يعرف بيته في صنعاء.
أبدت د.نعوت إعجابها بتواضعه ودعوته لها في بيته وعمق معرفته ومتابعته لكل جديد بالحركة الشعرية العربية واتفقت مع الربيعي ود.الصكر بنقاط كثيرة وظلت تصف ذهولها بشعبية المقالح وقربه من الشعب اليمني حتى البسطاء منهم فهو لا يعيش في قصر فاخر يحيط به الحرس والبوابات الحديدية.
ثم تحدث د.همدان دماج ليؤكد الكلام عن المقالح ليس سهلا ويشعر المرء بالهيبة وركز على كتابه مختارات شعرية التي صدرت قبل شهر وصدرت بعنوان “حروف مُبرأةُ من غبار الكلام” اعدها وقدم لها د.همدان دماج، الذي يرى أن تأثير المقالح يظهر واضحا على الثقافة اليمنية والمقالح يقف مع كل مبدع يمني، ووصف همدان أن تجربة هذا الكتاب جعلته يكتشف عطاء المقالح الثري والغني وهو كالبلسم، تحدث دماج ليصف عطاء المقالح بالغزير جدا كما وكيفا انتجت التجربة 26 ديوانا شعريا وأكثر من 32 كتابا بمختلف المجالات النقدية والفكرية إلى جانب العدد الهائل من المقالات والدراسات، اضافة أنه شخصية شعبية يمنية يحضر في المناسبات والصحافة وشعره بالمدارس وهنالك عشرات الابحاث حول تجربته الشعرية والنقدية ومهام ادارية واعتبارية وهذا أيضا يجعلنا نعجب بنورانية ذاكرته وهو حافظ للتراث والأدب والتاريخ والنوادر والحديث معه حالة معرفية رائعة.
وقدّم الشاعر فضل خلف جبر شهادة قسّمها لوقفات جاء في وقفته الأولى” لم تسبق لي زيارة اليمن قبل عام 1992، وهو عام وصولي الى صنعاء، لذلك لم ألتق بالدكتور عبد العزيز المقالح شخصياً، وإن كنت قد قرأت له قبل ذلك التاريخ بكثير،وأذكر انني قبل سفري من العراق، التقيت – مصادفة – الصديق الشاعر زاهر الجيزاني وحين عرف بنيتي السفر الى اليمن، سألني ان كان بيني وبين الدكتور عبد العزيز المقالح أي تواصل سابق، وحين أجبته بالنفي، تبرع بكتابة رسالة تعريف وتوصية، فقد سبق للجيزاني أن زار اليمن في مناسبة أدبية والتقى بالمقالح،حين وصلت الى صنعاء كان عليّ أولاً التركيز على بعض التفاصيل الأساسية التي تتعلق بوجودي هناك قبل أن أتوجه للقاء المقالح. زرته ذات يوم، بعد أن أستقر بي المقام، في مكتبه العريق في مركز الدراسات والبحوث، والذي يقع في بداية شارع بغداد، لتتوطد بيننا، منذ ذلك اليوم، علاقة تسودها المودة والاحترام المتبادل والرفقة الطيبة حتى مغادرتي اليمن عام 1998″ أما في الوقفة الثانية، فقد ذكر”خلال سنوات اقامتي في اليمن الحبيب، جمعتني صداقات عميقة مع عدد كبير من الأسماء الأدبية والثقافية، وكان كبير الفضل في ذلك يعود إلى “المقيل” الأسبوعي الذي ينعقد في مركز الدراسات والبحوث بحضور الدكتور المقالح ووجوه عديدة من نخبة الثقافة اليمنية والعربية. كان مقيل مركز الدراسات والبحوث بحق بمثابة “أكاديمية تجريبية” مصغرة لكل الفنون والاجناس الأدبية، وتحضرها شخصيات عربية ودولية في كافة التخصصات والحقول. كانت تقرأ فيه القصائد والقصص والنقد والمسرح، حتى لقد انبثق من جنبات ذلك المقيل ما عرف ب “مسرح المقيل”، والذي أسهم في بلورته المسرحيان العراقي الراحل كريم جثير واليمني عبد القادر صبري، بجهود مستقلة. هذا المقيل/ الأكاديمية تمرّست فيه ومن خلاله العديد من الأصوات الشابة حينها، والتي تمثل اليوم وجوها أدبية مرموقة في المشهد الإبداعي اليمني، وبالإضافة الى هذا المقيل الاحترافي، كانت هناك “مقائل” ثانوية يحضرها الدكتور المقالح تنعقد خلال أيام الأسبوع، لكنها ذات طابع اجتماعي ثقافي والحضور فيها خاص، وتتداول فيها كافة المستجدات، ويطيب لي أن أذكر هنا انني حظيت بشرف استضافة مقيل أحد أيام الأسبوع، التي يحضرها الدكتور المقالح، في بيتي المتواضع في شارع بغداد، والذي شاركني السكن فيه، لبعض الوقت، الصديق الشاعر عبد الرزاق الربيعي. وكان يجتمع في ذلك المقيل نخبة طيبة من مشارب متعددة من نسيج الثقافة والمجتمع اليمني. لقد كان مما يسعدنا، خاصة، انا والأخ عبد الرزاق الربيعي، أن نرى روح المودة والانسجام المجتمعي اليمني ممثلة بحضور الطيف اليمني بكافة ألوانه، وهو امر دأب الدكتور المقالح على تشجيعه والحض عليه،” وقال في الوقفة الأخيرة”لا نعتقد اننا نبالغ إذا قلنا ان الدكتور المقالح أحب بلاده بمستوى نادر من السمو والجمال. وهو، بلا شك، واحد من أولئك البنائين المؤسسين الذين يشغلهم هاجس تطوير وبناء بلدانهم ومجتمعاتهم بهدوء وتؤده.
ولأنه يدرك تماما دوره الفاعل كراع وبوابة ثقافية حقيقية للتنوير، من خلال موقعه الأدبي المرموق ومركزه في قيادة جامعة صنعاء؛ فقد كان لا يألو جهدا في دعم عملية التجسير بين اليمن ومحيطها العربي والعالمي، لا تحضرني الأسماء العربية خلال فترة اقامتي في اليمن في التسعينات، باستثناء الراحلين سليمان العيسى وإبراهيم الجرادي؛ لكن ذاكرتي تحتفظ بقائمة طويلة من الحضور العراقي متمثلا ب:
د. حاتم الصكر، د. عبد الرضا علي، د. علي جعفر العلاق، د. محسن اطيمش، د. شاكر خصباك، د. عبد الاله الصائغ، د. عبد علي الجسماني، د. سعد التميمي، د. صبري مسلم، د. وجدان الصائغ، د. محسن الموسوي، سعيد الزبيدي د. رشيد ياسين مع الاعتذار للأسماء التي لم تسعفني ذاكرتي بها.
حضور هذه الأسماء المنتجة، ولا شك، كان بسبب عمق وتشعب علاقات الدكتور عبد العزيز المقالح وحرصه على رفد الدرس الأكاديمي بخبرة هذه الأسماء ثقيلة الوزن في الجانبين الأكاديمي والابداعي” وفب الختام وجّه تحية وفاء وعرفان للدكتور عبد العزيز المقالح، وبمناسبته دائما. ودعاؤنا له بتمام الصحة ومواصلة العطاء.
وبدأ د. سعد التميمي، حديثه بالدعاء بالشفاء لأستاذنا وشاعرنا المبدع المقالح ولليمن الواحد بالأمن والسلام ، مقدما صفة الإنسان على الشاعر المبدع لما عرف به من إنسانية في تعامله مع محيطه من المثقفين وعموم الناس ، حيثما يذكر اليمن يذكر المقالح خاصة لدى الوسط الأدبي والثقافي، ومن خلال احتكاكه ورفقته وصداقته لشاعرنا الكبير، أكد د. التميمي بأن المقالح لم يكن فقط غزير الإنتاج بل كثير الاطلاع والمتابعة للشأن الثقافي والابداعي وهو باحث مثابر واكاديمي متميز ترأس جامعة صنعاء لمدة طول واشرف على تطويرها ورفدها بالكفاءات العلمية العربية وغير العربية كما انه اسهم في ايفاد الكفاءات اليمانية للدراسة خارج اليمن والعودة من اجل المساهمة في الارتقاء بالعملية التعليمية ، ولما توسعت الجامعة تناسلت الى عدة جامعات كجامعة الحديدة وجامعة تعز وجامعة ذمار وجامعة اب التي عملت بها بمبادرة من الدكتور المقالح . واضافة لجامعة صنعاء فانه ترأس مركز الدراسات والبحوث الذي اسهم في تطوير عملية البحث العلمي لما له من دور في تطوير التعليم العالي ، أما مقيل المقالح في صنعاء فهو صالون ثقافي يكاد يكون قبلة للزائرين العرب وغير العرب واليمانيين أيضا ، أسماء كثيرة من كل المناطق مرت وحضرت فهو ليس مظهرا اجتماعيا بل بيتا ثقافيا فهو مدرسة وملتقى الأصدقاء وايقونة لا تختلف عن ايقونة باب اليمن في صنعاء ، والمقالح كان وحدويا وعربيا محبا للثقافة الإنسانية، وهو موسوعة ثرية كتب في الفكر والثقافة والتاريخ واللهجات والسياسة والمسرح والطفل وقد كان حاضر في الصحافة اليمانية والعربية بقوة وله اكث من عمود ثابت ، ولم يقتصر يقتصر اهتمامه على الشعر بل شمل النقد والرواية و القصة ،وكان يمتاز بالموضوعية فلم يقف مع طرف ضد آخر وظل مبدعا وراعيا الأدباء والشباب منهم على وجه خاص ،والمقالح صاحب ذائقة أدبية فريدة يغضب للهفوات اللغوية حتى لو كانت صغيرة وهو الشخص الكريم ومن ملازميه الاستاذ محمد عبدالسلام والاستاذ خالد الرويشان، وما إصراره على البقاء في صنعاء وعدم مغادرتها الا تأكيدا لارتباط هذا الشاعر باليمن فهو أيقونة اليمن بلا منازع.
وفي مداخلة للشاعر عدنان الصائغ تحدّث عن اللقاء بالشاعر الدكتور عبدالعزيز المقالح أثناء الدعوة التي وجهت للصائغ عام 1993 لإحياء أمسية شعرية في جامعة صنعاء ثم دعوته لمجلسه الذي وصفه بالشعري، والفكري بكلّ تشعباته، ولم يكن محدودا، وبعشبة(القات) الشهيرة الذي يكرّم بها ضيوفه وقد يأخذونها مجاملة، لكن الصائغ أخذها كما قال من أجل أن يعيش هذه (التجربة الغريبة) بالنسبة العراقيين وغيرهم حيث نجد للجلوس في حضرة شاعر اليمن نكهة خاصة متميزة، تشعرك بعالم جميل ومختلف عن صالونات العالم الثقافية، والمقالح لا يترك أصدقاءه يظل يسال عنهم ويرسل لهم كتبه ويستقبل كتبهم.
وقبل اكثر من عشرين عاما من احتفائنا هذا نجد المقالح في ديوانه (كتاب الأصدقاء) قد احتفى أسماء شعرية وادبية عربية لا تنسى، فهو يحتفي دائما بكل ابداع وضيف. تاركا تأثيرا إنسانيا وإبداعيا في كلّ من يلتقيه.
كما قدّم الشاعر د. احمد الفلاحي مداخلة مختصرة ذكرنا بسيرة أدبية وكتب المقالح، واستمرت الندوة لمداخلة ثانية لكل متحدث وكونه يصعب الاختصار فانا ادعوكم لمشاهدة الندوة والتي يمكننا اعتبارها مدخلا مهما لندوات فكرية ونقدية يجب أن نخطط لها تركز على تجربة ثرية ومتنوعة لشاعرنا الإنسان عبدالعزيز المقالح ونحن في هذا المنتدى نعدكم بيوم دراسي نقدي كامل سيكون بعد رمضان حول هذه التجربة والايقونة اليمنية ونتمنى الشفاء له ليكون بيننا أيضا إن سنحت لنا فرصة رؤيته ولو إفتراضيا وربما يعود لليمن سلامه لنعود ونزور شاعرنا نحن وهؤلاء الأصدقاء الأوفياء الذين هم اليوم من نجوم الشعر والثقافة العربية وقد خذوا من صفاته الكثير، خالص شكرنا وتقديرنا لهم جميعا.

يمكن للمتابعين مشاهدة الندوة كاملة عبر هذا الرابط

https://youtu.be/-JiF0beAiwM

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى