خيبات أبي التسعة والخمسون
يحيى بهجت مرهج | سوريا
ها هي المرة التاسعة والخمسون
التي يمر بها سبت النور
وأنا لا أستطيع أن أشهد النور المقدس بعيني هاتين
وكنت قد وعدتني
أنني ربما في العشرين من عمري
سأركب سيارتي المرسيدس
بأضوية الفانوس
وأتجه إلى فلسطين الحبيبة
وأرى القبر المقدس
والنور الذي يسطع منه قبل يوم الفصح المجيد
وأنني سأتابع لأزور سيناء ومصر
وأصل إلى المغرب
وأقف حيث وقف عقبة بن نافع على صهوة جواده
الذي غرق بمياه الأطلسي
وخاطبه معاتبا
أنه لولاه لتابع رحلة الجهاد
أما عن مياه دجلة والفرات
التي وعدتني أن مياههما ستصلان إلى جزيرة العرب
كي تسقي واحات النخيل
وتعمر بالماء أرض الجزيرة
فهما بالكاد يصلان شط العرب
وأما عن انتقالي من اللاذقية إلى عدن
بسيارتي المرسيدس
كي أسبح في بحر العرب
فالأمر أصعب بكثير مما صورته لي
وأما وبحكم تطابق اسمي مع النبي يحيى
فسأذهب لأعمد الناس بمياه نهر الأردن
وأسبح بملح البحر الميت
فالأمر ربما أكثر صعوبة
وأما عن طلاب أوروبا
الذين سيأتون للدراسة في جامعات حلب ودمشق والقاهرة وبغداد
فربما معدلاتهم لا تسمح لهم بذلك
وأما عن أرض لواء اسكندرونة
فقد أصبحت أكثر بعدا
وأما عن بلاد العرب أوطاني
فالأمر ملتبس جدا
وبالرغم من أن شوقي مازال يصر على أن
لولا دمشق لما كانت طليطلة
ولازهت يبني العباس بغدان
ولكن ثمة من يقول أن في الأمر خطأ
وأن العروبة وهم
وبالرغم من أنك أقنعتني أنه لايجب امتلاك بيت
فالإشتراكية سوف تأتي
وسوف يصبح لكل مواطن بيت
فالأمر فيه التباس كبير
فهي أعطت قصورا للخاصة من الاشتراكيين الأشاوس
والفقراء بلا بيوت
وماذا سأكتب عن الخيبات ياأبي
يبدو لي أن عددها أكبر بكثير من عدد سنوات عمري
كل ما أنا متأكد منه
أنك لم تكذب علي
فما وعدتني به في السادسة من عمري
مازلت وأنا في الستين
ذات الطفل الذي صدق الحكايات كلها
ومازال منتظرا لأنك لاتكذب أبدا
ومازلت أصدق الرجال الذين رأيتهم في حياتي
ومازلت مصدقا أن النور القادم
سيأتي كما وعدتني
ورغم أن العتم أسود وثقيل
وأن الحزن أبعد من المسافة بين الخليج والمحيط
مازلت ياابن النور مصدقا بالنور الآتي
وكل عام وأنت تعيد الحكاية
وكل عام وأنت بألف خير