في وشاية القلم

حسن قنطار | سوريا

ليس ثمّ ما يوصد الكلمات في أقبية الذاكرة؛ فلا أجدني تركت الوزن ينحت في قصائدي تماثيل بكماء، ولا جعلتُني أسيراً أتململ بين أغلال القوافي.

مع هذا فإنك لن تراني أطلق الحبل على الغارب لنصوصٍ خرقاء تتسكّع في أزقة الكتاب دونما غاية.

***

في وشاية القلم:

كلما أراد القلم أن يشيَ إلى عقلي قادني إلى الكتابة الرتيبة المحكمة، فأغالبه بحكمة الأولين.

وإذا ما همس إلى القلب ساقني إلى حيث أراد دونما قيد أو حدّ، فأصحو في آخر العتبة على جنة وارفة من الهذيان.

ولعله يصرخ في أذنيّ فترتعد المخيلة حبّاً وتخرج النصوص المسجونة متراكضة في ممرات غير موجهة تلقي بها إلى ساحات تتنفس في النور.

***

في وشاية القلم:

لك أن تقبّل الشمس برغباتك الجامحة، ولك أن تحبوَ على أطلال الآفلين، ولك أن تنادم الأوزان وتراقص الحروف وتعاقر الكلمات وتخامر الخواطر في حانة مترعة باللذة والموسيقا والأخيلة والحكمة.

***

في وشاية القلم:

لا تقل لوساوس الخيال: أعوذ بالله منك، ولا تحصّن نفسك بتراتيل الخلاص؛ فإنك لن تنجو من مصارعها حتى تملأ الكتاب دماءً أو دموعاً أو ابتسامات.

وهنا يحقّ لك أن تقول:

ولستُ الآن أستجدي المعاني

ولا والله ما خانت حروفي

ولكنّ اليراع لديّ سيلٌ

ولا ألوي القوافيَ عن عزوفِ

***

وليس آخراً أقول:

قد لا أجيد الشعر سجيةَ قارضٍ،

و لا أراقص الوزن صناعةَ ماهرٍ ،

لكنني علّقتُ ذات صفنةٍ

قلائدَ من دم الشهيد،

ولآلئ من ثغر الحبيب

على أعناق القوافي.

**

قد لا أجيد النثر أصورةً وارفة،

وأخيلةً طلقة،

ولم تُلقَ على كتفَيْ وقاري عباءةُ البيان،

لكنني نسجتُ ذات صفنةٍ

إزاراً من وطن

حول خاصرة المعاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى