صورة ضوئية
محمد سعيد | مصر
الجميع نائم، وتسبح في فضاء الغرفة ريح خفيفة، باردة، ورشيقة للغاية، كأنها ذرات رمال غير مرئية، ترقص في قلب البراح. ولكن بلا صوت، أو موسيقي مصاحبة الصمت يحاكي الخواء ،والخلاء ما حول الجدران يحاكي الفراغ .
حركة مفاجئة، وشبه هيسترية أعترت جسد النائم، فوق سرير نحاسي، مرتفع عن البلاط، بسنتيمترات قليلة، صبغت عليه رسوم تكعيبية غريبة .
كمن يحاول أن يفتح بابا، ليدخل، ولكن الباب لا يفتح .أو كمتسلق يقترب من قمة جبل، لكنه لم يصل بعد ويجاهد من أجل الحصول، لكنه ما يلبث أن يستسلم ، ثم يعاود الكرة ،مرة أخري .
تري أي جبل ،يريد أي يرتقي؟ وأي قمة تلك ،التي يريد أن يصلها؟وأي باب ذلك الذي يريد له أن ينفتح؟
لكن ،هل كان يطارده ذئب مفترس؟ !
أخيرا، وفي شبه معجزة ،وربما دون أن يلتفت أحدا، وفي غفلة من زمن ، فتح الباب ،لمست أصابع المتسلق أخيرا، قمة الجبل، خرج السجين، للتو، من محبسه، ليري الشمس، بعد غياب سنين .فتح النائم عيناه ، فتراءت له الكرة الأرضية، صبيحة زلزال كبير ،ضرب كل شيء، ،ولم يترك أي شيء قائما بذاته، فقط بقايا ،حطام ،أشلاء .
فتح الشباك ،للشمس، فاخترقت الغرفة، وأغرقتها بالضوء. براد شاي مقلوب علي التسريحة. ..نصف وجهه ،ونصف جسده، مشروخان ، كشرخ المرآة ذاتها .! الملابس ملقاة في كل مكان، زجاجات خمر مكسورة، وأخرى فارغة، فوق الكومدينو ،وعلي الدولاب في الأركان، أوراق مقطعة، أتربة ، أقلام . السقف بعيد وعال جدا، المروحة حركتها بطيئة،وصوتها بعيد، ووحيد.
وضع يده علي جبهته،أحس بعدها بصداع شديد .اه …اه ….اه ….قام بصعوبة من السرير، واتجه صوب الحمام ليغسل وجهه .