الإنسان يسيلُ خرابا !
وديع أزمانو | المغرب
” لا شك أن في كل إنسان وحش ينام” دوستويفسكي
“الإنسان يسيل خرابا” إميل سيوران
/
لا شكَّ أن الإنسان
لم يخرجُ من بين أصابعِ الله الندِّية
لا من شهقةِ العِشقِ
و لا من زفيرِ الغيرة
الإنسان هذا الحجرُ المقذوفُ بهِ من جهنَّم
لم يخرج حتى من ضلعِ وحشٍ
أو لهيبِ تنين
ترى ، من أيِّ كوكبٍ معتوهٍ
من أيِّ نطفةٍ خبيثةٍ
انتخب الإنسان ؟!
/
الإنسان ؛ ورطة الطبيعة
/
الإنسان ؛ طبيعةٌ شريرة
و ثقافةٌ أشر
/
الإنسانية ؛ مشاعية الخراب
/
الإنسان ؛ مشروع قتلٍ بلا هدف
/
اليوتوبيا ، جديرة بالشفقة
والأجدر
بالحرق
/
الإنسان ؛ الصّراطُ المستيقم
نحو الهاوية
/
الإنسان ؛ تاريخ الضلالة
وإثم الوجود
/
الإنسان ذئبٌ للانسان
و الأصوبُ
الذئبُ بريءٌ
من قميصنا
و دمنا
/
الإنسان ؛ تجربة العدم المُطلق
/
الإنسان ؛ شرٌّ ذائع الدَّم
/
الشرُّ عرشُ العالم
و الانسانُ بداهةُ الجريمة
/
هل كان للإنسان
احتراف الشرِّ
لولا اكتشاف الذهب ؟
سؤال مشروعٌ
لولا أن قلبَ الإنسان
ذهبٌ خالص
/
لمَّا كان الواقعُ وحشا
كان الإنسان
على صورته
/
المالُ ليسَ ربُّ المدينة الجديد
وإنما المدينة ذاتها
في كاملِ شرِّها المُباح
/
الشرُّ ؛ القسمةُ الأكثرُ عدالة
بين البشر
/
ليس الإنسان
غير صورتهِ
في مرآة الحرب
/
العالم رائعٌ حدَّ الترويع
والانسانُ
ظلُّ الفجيعة
وابرةٌ
في عيني الأمل
/
صحيحٌ أن الإنسان الأبيض
في أوروبا المعاصرة
لم يبتر قضيب “حمزة الخطيب”
لم يقتلع حنجرة “القاشوش”
لم يقصف بالكيماوي “غوطة شرقية”
صحيحٌ كلُّ هذا
و الأصوبُ
أنهُ زرعَ بذور الشرِّ
في رحِمِ البلاد
/
لن نذبحكِ
لن نعذِّبكِ
هناكَ من ينوبُ عنّا
من “أسد” و “دببة” و ضِباع فارسية
وإذا فشلوا
فسنميتكِ بالتقطير
أيتها الحرِّيةُ العربية !
/
الخير ليس بمكانٍ آخر
إذا لم يكن هنا الآن
سيستمرُّ الانسانُ
في غوايتهِ القاتلة
/
الشرُّ ينمو في مزهريةِ البيت
مثلما ينمو و يكبرُ
طفلُ الأسرةِ الوحيد
/
الشرُّ لا يوجدُ في الخارج
إنهُ كامنٌ في كلِّ ذرَّة
من خلايا الإنسان
/
لم أتحدث عن الإنسان بما يكفي ، لم أقدِّم حقيقة واحدة تشفعُ لهذا الهراء ، ربما خانني حبٍّي للبشر وعصفت بي نوباتُ القداسة ، ربما خانتني قوايَ و أنا أحاولُ زرع غُصنِ الغيرة في عيني و رُمح الحسد في القلب، ربما سكِرتُ فطفحت دموعي بالدَّمِ و النبيذ ، ربَّما شهوة الحياة تسلَّلت إلى رميم الرُّوح ، ربَّما أملكُ نصفَ الحقيقة هذه المرتعشةِ عُنقها في نصفِ آخر يشبهُ سكينة حافَّة ، ربَّما انهممتُ بخلاصٍ أنانيٍّ وقُدتُ الوحش فينا إلى أبَّهةِ الهلاك ، ربَّما التقيتُ سنواتي الثلاثين فجلدتها على صخرةٍ أطلسية ، ربما رفعتُ كأس الحرِّيةِ أعلى مما تشتهيه ، ربما انخطفتُ بهذياني صوب قابيل و لم أجد جوابا مقنعا في آنية الدَّم ، ربما تواطأتُ مع العدم في تجميل صورته وبالغتُ في المكيدة ، ربما انجررتُ إلى تسويدِ العاطفةِ و تجريمِ الحُب ، ربّما استطلعتُ الغيب وعدتُ بنوباتٍ عصبية ، ربما دهشتُ في حضرةِ الربِّ و هو يمشِّطُ شَعر ابليس بأصابعهِ الحانية ، ربما جدَّفتُ بلا معنى …
ولكنِّي لم أتحدث بما يكفي
عن ” الإنسان يسيلُ خرابا” !