المباراة الرمضانية
رضا راشد | باحث في اللغة والأدب بالأزهر الشريف
ماذا يحدث في مباريات كرة القدم النهائية التي يعقبها صعود أحد الفريقين إلى منصة التتويج؟
أولا : يدخل كل فريق معسكرا مغلقا يتدرب فيه بجد على أجواء المباراة والخطة التي يسعى من خلالها إلى تحقيق الفوز ، وذلك في جو من التركيز بعيدا عن أي شيء يمكن أن يشتت الانتباه ويضيع التركيز.
ثانيا :ينزل كل من الفريقين إلى أرض الملعب يتوسطهما الحكم الذي يكون مزودا بالبطاقات الصفراء والحمراء ومذكرة يدون فيها لكل فريق ما له وما عليه.
ثالثا : يحرص كل من الفريقين على استثمار كل دقيقة في المباراة بتركيز وانتباه ؛ حتى لا يمنى مرماه (في لحظة غفلة) بهدف يبدد أحلامه في البطولة.
رابعا: يحرص كل فريق على أن يكون هو المبادر بتسجيل الهدف الأول ؛ رفعا لمعنويات اللاعبين وكسرا لمعنويات الفريق الآخر .
خامسا : إذا سجل أحد الفريقين هدفا فإنه يحاول أن يتبعه بهدف ثان وثالث وربما رابع ؛ خوفا من أن يستفيق المغلوب ويحول الهزيمة الى نصر .
سادسا : مهما كان أحد الفريقين متقدما بعدد وافر من الأهداف والآخر مغلوبا فإنك تلحظ اشتداد وتيرة الأداء في اللحظات الأخيرة(هجوما ودفاعا) ؛ محافظة من الفائز على فوزه ،ومحاولة من المهزوم للتعويض ؛ وذلك لعلم كل منهما أن المباراة لا تنتهى إلا بصافرة الحكم ،وكم من فريق فاز أول المباراة ثم خسرها أخيرا باستهانته ، وكم من مغلوب استطاع أن يقلب دفة المباراةفي اللحظات الأخيرة!!
سابعا : إذا انتهت المباراة بصافرة الحكم تكون فرحة الفريق الفائز بفوزه بقدر ما تكون حسرة الفريق المهزوم وندمه على تقصيره، وتزداد هذه الحسرة برؤية الفريق الفائز يعتلى منصةالتتويج لتسلم الجائزة.
هذا ما يحدث غالبا في المباريات الكروية، وهو ما يجب أن يكون في المباراة الرمضانية.بين فريقيها :جند الرحمن وجند الشيطان .
أولا :لقد دخل جند الشيطان معسكرا مغلقا منذ زمن ليس بالقصير استعدادا لرمضان : بالمسلسلات الهابطة ،والأفلام الداعرة ، والمباريات المشوقة ، والبرامج الملهية ، فياترى : هل استعد جند الرحمن للمبارة الرمضانية بمثل ما استعد به جند الشيطان؟ هل أعد خطة لرمضان ؟ هل بادر بتحقيق حاجاته في رمضان قبل رمضان حتى لا ينشغل بها في رمضان ؟نتمنى
ثانيا: استعدت الملائكة الحفظة (مثل الحكم ) للمباراة بسجلاتها لتكتب لكل من الفريقين حسناته وسيئاته .
ثالثا : يحاول كل فريق استعلال كل لحظة من رمضان : هذا ( أي جند الشيطان بخريطة مشحونة بالبرامج والمسلسلات على كل القنوات؛ حتى لا تترك للنايس فرصة للتوبة = وكذلك جند الرحمن يحاولون استثمار كل لحظة في هذا الشهر الكريم .
رابعا:يحاول فريق الشيطان أن يستغل ضربة البداية من خلال الحلقات الأولى من مسلسلاته وبرامجه ؛ حتى يضمن مشاهدة عالية طوال الشهر ، وبذلك يحقق هدفه في تضييع شهر رمضان على الناس = وعلى الجانب الآخر :يستعد حند الرحمن لاستغلال الليلة الأولى من رمضان لينطلقوا بعدها مسرعين في مضمار التوبة والرضوان.
خامسا : إذا وفقت لاستغلال ضربة البداية واجتهدت في الليالي الأولى فلتستزد من العبادة حتى ينقطع أمل جند الشيطان في ملاحقتك = وكذلك إذا ضاعت عليك الليالي الأولى فلا تحزن واجتهد فيما بقي لك واعلم أنه كم من فريق حول هزيمته إلى نصر في نهاية المباراة.
سادسا : شمر عن ساعد الجد في العشر الأواخر من رمضان؛ بلوغا للمزيد من الدرجات أو تعويضا عما فاتك من الطاعات ، واعلم أن الأعمال بالخواتيم
سابعا : إذا اعتراك كسل أو فتور فتذكر تلك اللحظة الأخيرة من المباراة عندما يهل هلال شوال وتطوي الملائكة دفاترها مدونة ما كان للعبد وما كان عليه ، ثم يكون يوم الجائزة (عيد الفطر ) ليجزى كل مجتهد بعمله .
فيا جند الرحمن هل يسرك أن ينتهي رمضان وقد أفشل حند الشيطان عليك هدفك في اعتلاء منصة التتويج ، فيأتي يوم الجائزة ولا جائزة لك؟
أعيذ نفسي وإياكم من ذلك وأدعو الله عز وجل لى ولكم أن نكون من الفائزين في رمضان وأن نعتلى منصة التتويج الإلهي يوم عيد الفطر لنتسلم جائزتنا الربانية :مغفرة من اله وتوبة ورحمة ورضوانا.