دالية حبلى حان قطافها
ريناس إنجيم – طرابلس – ليبيا
منذ ولادتي
وأنا أحاول التنصل مني
أعاملني وكأني كائن فضائي رخو
أحشر نفسي بين لحاء الأشجار
كـ سر مسجون داخل حنجرة
و أقفز فوق فقاعات الهواء
كـ غيمة مشردة
لم يلق لها الشتاء بالا
أتمدد على الشرفات
مترهلة متدلية الأطراف
كـ دالية حبلى
آن قطافها
لا أحد يقبلني على حقيقتي
لا أحد يتحمل تفاهاتي وحماقاتي
لا أحد يثير فضول غيبتي
لا أحد يستفز ألفاظي النابية
ولا أحد يحرك سكون فساتيني الخليعة
كأنني لا مرئية
أو اعيش في مدينة أشباح
لم يعد هناك
شيء يغيرني
لا شيء يلفت انتباه صمتي
ولا شيء يصفع موسيقى
كرسي الهزاز
لا شيء
لكنه ليس تبلدا
وليس غرورا
وليس برودا
وليس تشرنقا
إنه الفقد
منذ انقطاع حبلي السري
وأنا أعاني من فقدان ذاكرتي
لم اتعرف إلي يوما
فقط أقف أمام المرايا
أتلمسني بحذر شديد
أخاف أن أكسرني
أو أخدش بلور أنوثتي
أتساءل عمن أكون
ومن يحبني
امرأة أربعينية
مكتنزة الحضور
تصنع من اللاشيء أشياء
تحاور الشمس بعين باردة
وتحاكي القمر بنظارات شمسية
تزرع في غمازاتها حقول ياسمين
و على عنقها اعشاش للعصافير
تحاول جاهدة
رسم لقاءات مفخخة بالعناق والقبلات
دون أن تثير غيرة المرايا
أو تقع في فتنة الغواية
لم يعد أنين السرير يُحتمل
ثمة فجوة باهظة الوحدة
ترنو لمضاجعة الأضواء
وسرقة نيشان النشوة
من نهود الحانات
هوة عميقة تصارع الحنين
بشراسة فارس خانته حبيبته
لا أعلم لمَ أكتبك
كلما تحسست بـ أطراف أصابعي
صوتك المندلق في زوايا رغبتي
أو مررت بخاطري
صدفة أو عنوة لا يهم
ما الرابط بينك وبين
خطوط عرض قصائدي
وخطوط طول إلهامي
ما الذي تفعله كي تبقيني
سجينة ساعة رملية
تتحكم في أزمنتها
تربط خصرها بخلخال غجرية
تلفظ أنفاس نجومها
على توقيت مدك وجزرك
فـ أنا يا سيدي
عقيمة الحيلة
لا أجيد فك رموز الشواطيء
ولست ممن يهوون الغوص في العتمات
لست سوى متسولة
تخشى الخوض في تفاصيل الأرصفة
رغم قساوة الشوارع
لازلت أجمع فتات صباحاتك ومساءاتك
كي أسد بها رمق العابرين
في مقاهي اغترابي فيك
وأروي بها ظمأ أنهاري لضفافك الدافئة.