” درب الصد ” جديد الروائية هدية حسين
خاص | العراق
عن دار ذاكرة للنشر والتوزيع في بغداد صدرت للكاتبة العراقية هدية حسين روايتها الجديدة (درب الصد) ب 146 صفحة من القطع المتوسط، تدور أحداث الرواية في بغداد بعد العام 2003 إبان انفلات الأوضاع وغياب القانون وتسيد عصابات الاختطاف والقتل على الهوية، وتروي حكاية التاجر سراج البستاني الذي اختُطفت زوجته وفاء ولم تعد حتى بعد أن دفع الفدية للخاطفين، فيسقط في أحزان تمتد لسنوات يعيش خلالها على أمل ضعيف لعودتها، يرافق تلك الأحزان انتماء ابنه لخلية إرهابية لها امتدادات خارج البلد ومهمتها القيام بتفجيرات إرهابية هناك، وانقطاع الأخبار عن اخته التي هاجرت الى أستراليا.
لكن الضربة الأكثر وجعاً تأتي بعد سنوات عندما ينتشر خبر عن منيرة زوجة صديقه مولود التاجر وقد اختطفت هي الأخرى بعد شهر من اختطاف زوجة سراج البستاني، بأن اختطاف هذه الأخيرة كان مدبراً، وقد هربت مع عشيقها بعد ابتزاز الزوج، عندها لم يتوقف نزيف سراج البستاني فيوقعه في حالة من عدم اليقين بين أن تكون زوجته وفاء قد اختطفت فعلاً أو أن تكون قد دبرت اختطافها كما فعلت منيرة، وتتشعب الحكايات فلا تقتصر على محنة سراج البستاني، بل ستظهر شخصيات لها حكاياتها في صنع الأحداث ومنها شخصية مولود التاجر الذي هربت زوجته مع عشيقها بعد ابتزازه بمبلغ كبير، وشخصية ابراهيم الفيترجي الذي رأى زوجة مولود التاجر في بلد عربي ولم يصمت فدفع حياته ثمناً لموقفه، والأرملة الفقيرة سليمة الخبازة وابنها الوحيد الذي فقد عقله في الحرب وقد كان جندياً في قاطع مدينة أم قصر الجنوبية، تلك المدينة التي كانت عصية ومُقاوِمة أكثر من أي مدينة أخرى بما فيها العاصمة بغداد التي سقطت خلال ساعات، ورشيد الشاعر الشخصية الطريفة في الرواية، المهموم بحبه لأفنان ابنة سراج البستاني التي لا تبادله الحب، وعشقه للغة العربية وخوفه على ضياع الهوية العربية في الوقت الذي يبحث فيه عن آخر ابتكار لقصات الشعر الأمريكية.
رواية درب الصد محنة وطن سقط في الفوضى والانفلات، وانزلق الى الطائفية وفقد الآلاف من أبنائه قبل أن يلملم جراحاته.. تترك الكاتبة النهاية مفتوحة ليكتشف القارىء الإجابة عن التساؤلات التي استعصت على سراج البستاني حتى موته، وذلك من خلال المعطيات في سياق ما حدث.. يُذكر أن هذه الرواية هي الرابعة عشرة في تسلسل روايات الكاتبة، إضافة الى سبع مجموعات قصصية وكتاب بعنوان شبابيك، قراءات في القصة والرواية.
من أجواء ” درب الصد ”
هل سقطت عليه بغير تعمد لأنها لم تسيطر على خطواتها، أم ادّعت ذلك السقوط ففاجأه الأمر واضطر لاحتضانها؟ لطالما تساءل في الأيام التالية لما حدث بينهما، يلعن شكوكه ثم يحلم بها مثل مراهق ويمارس معها فحولته، وعندما يحلم بها على هذا النحو يعود ويلعن نفسه ويستغفر الله، فالخيانة خيانة حتى بمجرد التفكير بها أو تخيل ما سيحدث ولو بأحلام اليقظة.. في هذه اللحظات المتوترة يقول لنفسه، لابد أنها افتعلت السقوط على الرغم من أنها صديقة زوجته، فكثير من الصديقات يخنّ أزواجهن مع أزواج صديقاتهن، يتذكر وجهها المشع وضحكتها العذبة وبحة صوتها التي تزداد مع الأيام بفعل التدخين، تتراءى له في مشهد الغواية ذاك بثوبها الأزرق اللّماع المكسم على جسدها والضيق عند الخصر، وبفتحة الصدر التي لا تخفي نصف نهديها عندما تنحني الى الأرض.. يا للغفلة التي كنت عليها يا سراج.