حكايا من القرايا.. ” يا حرام “
عمر عبد الرحمن نمر | جنين – طولكرم
…..يا حرام …
كان يخطب من عل، ويركز على حروف كلماته، ويشد على نبرها، علّه يؤثر في النفوس، وسرعان ما قفز طقم أسنانه في حضرة السامعين، وغادر الفم الغضبان، وانفرطت جمله وعباراته، وانفرط الجمع…. يا حرام.
……..يا حرام ……..
قالوا له: هذا حمار حديث العهد ( قرّ صغير غير مطبّع )، اتركه، إنك لا تستطيع ركوبه، ولا تسليس قياده، ضحك الرجل، وقال: أنا فارس، أنا أخوك يا شمّة. وجازف، واعتلى ظهر الحمار الصغير. وما أن لامس ظهره، حتى رفع القرّ يديه عالياً، ثبت الفارس على ظهره، ثم رفع رجليه، ثم يديه، وبدأ يدور، ويرقص رقصة محورية مجنونة لا عهد للفارس بها. وعزقه القرّ… ترجل الفارس مجبراً، وانبطح أرضاً… أكمل القر الصغير رقصته في بطن الرجل وهرب. وسكن الفارس المشفى… وظلت المسكينة شمة تزور المشفى كل يوم.
……يا حرام !…..
كانت كلما أرادت أن تؤكد كلامها، أو تدعو الناس لتصديقها… أخذت بيدها (قرمولها) من وراء ظهرها…تحسسته، وبرمته، ثم أرخته، وحلفت بالطلاق على زوجها أبو الخرفيش، أنها صادقة… لكن العم أبو ممدوح، يتبع يمينها بيمين آخر، فيقول” والله العظيم، وحق موسى وإبراهيم، ما رفعت شفة على شفة وقالت كلمة صدق”… والعم أبو ممدوح أصدق منها…
وفي إحدى المرات، وقد حلفت أم الخرفيش على الزوج الفقير… (اللي لا ببطنه ولا بظهره)… متوسلة بقرمولها… تجرأت أم صالح وقالت: هريتي الزلمي طلاقات… (ولعنت أمه بعزا أبوه)… خلليه بحاله… الله يعينه عليك.
…. يا حرام !….
تناول دفتر الديون عن برميل الكاز، ما شاء الله دفتر جلدته سوداء، طوله نحو نصف متر، وعرضه نحو ربع متر… وعليه قلم رصاص مثلث الجوانب… وحسب أبو فالح دينيّة أم صبري، كان يقرأ اسم الغرض، وسعره، ثم يجمع الأرقام أولاً بأول… والأمور داحلة…
إلى أن صرخت أم صبري، قاطعة قراءة (أبو فالح) عزا… عزا… عزيين… والله من خمس سنين ما أكلنا القطّين… كيف مسجل علينا قطّين؟ أجاب ووجهه يحمرّ ويقطر عرقاً: الدفتر أصدق مني ومنك… هيك مكتوب… نرفزت أم صبري: عزا بوهدك، والله القطين بقللك ما طاح دارنا… أغلق الدكان، وركب حماره ووضع الدفتر في خرج الحمار، وذهب إلى ابنه الذي كان يرعي البقرة في الهيش البعيد… وبعد ساعة ونصف عاد… ونادى أم صبري من وراء جدار بيتها، وقهقه وقال: هذا قيطان… قيطان يا ام صبري… قيطان للثوب… مش قطين… قالت: إذا هيتش آه… صحيح… اشترينا قيطان..