مدينة الرملة.. تاريخ عريق وتراث لا يغيب
د. حنا عيسى | رام الله – فلسطين
“إذا السحاب زفته الريح مرتفعا فلا عدا الرملة البيضاء من بلد”
“سميت الرملة لغلبة الرمل على أرضها، وقيل سميت باسم امرأة وجدها سليمان في بيت شعر حين نزل مكانها يريد بناءها، فأكرمته وأحسنت ضيافته، فسألها عن اسمها فقالت رملة فبنى المدينة وسماها باسمها”
من أكبر وأقدم المدن التاريخية. تقع على بعد 38 كم شمال غرب القدس. تأسست سنة 716 م على يد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، وسميت نسبة إلى الرمال التي كانت تحيطها.
الموقع:
تقع الرملة على الطريق القديمة بين يافا والقدس ولذلك كانت موقعا استراتيجيا مهما وأصبحت مركزا إداريا للمنطقة بعد تأسيسها بقليل. بين 1949 و1967 كانت طريق الرملة هي الطريق الوحيدة بين المركز التجاري في تل أبيب والمؤسسات الحكومية الإسرائيلية في القدس. في 1967 بنيت طريق جديدة عبر موقع اللطرون الذي احتلته إسرائيل من الأردن في حرب 1967، وتقلصت أهمية الرملة والطريق العابرة فيها.
السكان والمساحة:
يبلغ عدد سكان مدينة الرملة حسب اخر الاحصائيات105 ألف نسمة – ثلثهم من العرب، بسبب تهجير معظمهم منها بعد حرب 1948. تمتد المدينة على مساحة 11,854 دونما (11.9 كم2(وترتفع عن سطح البحر حوالي 108 م.
ثلث سكان المدينة تقريبا هم من عرب 48 ويسكن أغلبيتهم في حارات البلدة القديمة. قبل 1948 كانت أغلبية سكان الرملة من العرب الفلسطينيين، وهجر الكثير منهم قسراً بعد احتلال المدينة من قبل الجيش الإسرائيلي في يوليو 1948 ضمن حرب 1948. اليوم أغلبية السكان من اليهود. ثلث سكان الرملة حاليا هم من اليهود الروس الذين هاجروا إلى إسرائيل في التسعينات.
تاريخ المدينة:
الرملة هي إحدى المدن التي أقيمت في العصر الإسلامي الأموي، والفضل في إقامتها يعود إلى “سليمان بن عبد الملك” الذي أنشأها عام 715هـ وجعلها مقر خلافته. والرملة ذات ميزة تجارية وحربية إذ تعتبر الممر الذي يصل يافا (الساحل) بالقدس (الجبل) وتصل شمال السهل الساحلي بجنوبه.
تحتوي الرملة على العديد من المواقع الأثرية الهامة، منها: بقايا قصر سليمان بن عبد الملك، والجامع الكبير، وبركة العنزية شمال غرب الرملة بحوالي 1كم، والجامع الأبيض ومئذنته، وقبر الفضل بن العباس، ومقام النبي صالح.
تعرضت المدينة لزلزالين في 1033 و1067. أدى الثاني منهما إلى مقتل 25,000 من سكانها. في 1 مارس 1799 وصل نابليون بونابرت مع جيشه إلى الرملة واحتلها لمدة قصيرة دون مقاومة تذكر.
كان أهل الرملة أول تأسيسها أخلاطاً من العرب والعجم والسامريين ثم أخذت القبائل العربية تنزلها وأخذت الرملة تتقدم في مختلف الميادين حتى غدت من مدن الشام الكبرى ومركزاً لمقاطعة فلسطين ومن أعمالها بيت المقدس وبيت جبرين وغزة وعسقلان وأرسوف ويافا وقيسارية ونابلس وأريحا وعمان. وقد بقيت الرملة عاصمة لفلسطين نحو 400 سنة إلى أن احتلها الفرنجة عام 1099هـ. ودخلت الرملة كغيرها من المدن تحت الحكم العثماني ثم الحكم البريطاني، بعد أن احتلتها القوات البريطانية في 15 نوفمبر 1917.
في عام 1948 تم الاتفاق مع إسرائيل عند احتلال الرملة بقاء السكان في منازلهم إلا أن القوات الإسرائيلية اعتقلت حوالي 3000 شاب. هجر المدينة معظم السكان العرب، ولم يبق فيها في 14 يوليو 1948 سوى 400 نسمة. قُدر عدد النازحين من الرملة وأنسالهم المسجلين لدى وكالة الغوث عام 1997 حوالي 69937 نسمة.
بعد التوقيع على اتفاقيات رودس (اتفاقيات الهدنة) في 1949 أصبحت الرملة مدينة إسرائيلية وأصبح السكان الباقين في المدينة مواطنين إسرائيليين. كذلك أسكنت إسرائيل العديد من المهاجرين اليهود إليها في المدينة، ولكن نسبة السكان العرب فيها ما زالت كبيرة.