رسالة إلى مجهول (8)
هند خضر | سوريا
أيها المجهول إلى من يجهله الكون ويعرفه قلبي :
اخطّ بنبضات وريدي رسالتي، أعترف فيها بسقوط وجهي فوق أصابعي النازفة ..
اليوم سأخبرك: عن انهيار عطرك في معطفي ومعانقة اروراقك ضرب من الانتحار ،
سأخبرك
ليس بجانبي إلا الفراغ كي أستند إليه بعد رحيلك، لا أستطيع التقدم ولا التراجع.
لماذا أتيت إذا كنت تنوي الرحيل؟
لماذا مشيت إليّ إذا كنت على يقين بأنني الضياع؟
تقطّعت أوصالي بلحظة رحيلك، و رقصت على الأشواك رقصة الطير المذبوح من الألم، جعلتني أرقص على ماء الألم دون أن يتبلل قميصك به.
لم يعد وجهي كما تعرفه، لم تعد ملامحي كما هي فقد غيّرها الغياب ونال منها بما يكفي، وحتى نظرتي باتت مكسورة كمرآة أصابتها حجرة طائشة فحولتها إلى شظايا،وأما عن ابتسامتي الساحرة التي أوقعتكَ بغرامي فقد دفنتها بيدي في مهاوي الوجع، أسير بين المارّة ،أنكّس ابتسامتي لم تعد تلزمني من بعدك، أحمل حظي المريض على كفي.
أسافر مع سرب أحزاني، ألملم أشواقي بأهداب عيني، ألتقط بأناملي جمر أتراحي، أتمزق كقطعة ثيابٍ بالية فوق شطآن الذكرى و أملأ ضلوعي حنيناً واشتياقاً لعينيك ،أمضغ حزني بكبرياء وأمضي رغم أنني على يقين بأنني باقية في روحك، وأنك لن تتوه بملامحي حتى لو ضاعت في سراديب الكلمات.
هذه اللحظة تحديداً أكتب لك بعد أن وصل الصداع إلى قلبي، ولم تعد حبات البنّ تجدي نفعاً .
لو أخبرتني الأيام بأنها ستأخذك مني ذات مساء لقطعت جميع اتصالاتك ،وحجزتك في قلبي بلا أنوار، و غطيتك بشراييني و أنشدت لك أنشودة لتنام لا تصحو من لحنها إلا و قد نسيتك الأيام في داخلي ونسيتها.
لو علمت بموعد رحيلك لترجيت الشمس أن تشعل قنديل الليل، لطلبت باستحياء من القمر أن يظهر في النهار،لحذفت الليل من المواعيد و مفهوم المساء من الأذهان لأضمن أن ذلك المساء لن يأتي ليأخذك مني أبداً.
اليوم وبعد أن سقاني الفراق من سمّه لا بارك الله به، أحاول الاعتياد على عدم الاعتياد، أحاول ان أخرجك من أوراق ذاكرتي، و أن أتخلص من ضعفي ما إن مررت قربك وأتجاهل إحساسي وأستبدله بكبرياء ولكن محاولاتي تبوء بالفشل في كل مرة، أعود إلى نفسي، أذرف الدمع الغالي و ألملمه على شراع الأمل المستحيل.
يتبع ..