التداوي بالعقل.. الخُرافاتِ المُهَيِّجَة
د. سمير محمد أيوب | الأردن
عندما يظن بعض مَهاويس الناس، بأنّ العَجْرَ والبَجْرَ مِنْ موروثِ قناعاتِهم ، يَعلوَ فوقَ صَحيحِ الكُتُبِ السّماوية ، وقَطْعِيّ الثُّبوتِ والدّلالة من سُنَنِ ألأنبياءِ والرُّسل عليهم السلام، يُصْبِحُ عَقلُهم بالقَطْعِ مُغيَّبا أو مَحجوراً عليه، بعيدا عن الحجر الكوروني المعاصر، أو مَغلوباً على أمْرِه.
والنتيجة، إن لم تكُن جُنونا مُستَفْحِلا، فهيَ هَبَلاً مُسْتَعْجِلا. يُبدِّدُ القدرةَ على الابداع الإيماني، المُجَدِّد للطاقات الحيوية في العقل المُنصِت، وفي النَّفْسِ اللوَّامة أيضا. ويُفَعِّلُ في الكثيرِ مِنْ معارجِ الحياة ودهاليزها، وَسَاوِساً كارِثيَّةً، تتجلى أعْراضُها في ثنايا خُرافاتٍ مًهَيِّجَةٍ وظُنونٍ مُلْتبسة ، تُساكِنُ جميعُها وتُوجِّهُ مضامينَ مُمارَساتٍ يوميةٍ كثيرة.
أوْهام مُتعمَّدةٌ ، تَنْعقُ بِها ألسنةٌ تَضِيقُ عنْ فهمِ روحِ الإيمان والمَقاصد الرّبانية ، مِنَ الإستخلاف في الأرض. تَدْليسٌ بَيِّنٌ ، يَتمدَّدُ يوميا في الكثير من مضامير الحياة. أظنّها تَتَّكِئ بِوَساوِسِها ، على الكثيرِ منَ الخُرافاتِ الدَّارسَة والبائدة. منها:
– الخُرافةُ الأولى : أنّ مَنْ ليسوا في سفُنِنا أو في خنادِقنا أو في ذِمَّتِنا، هم بالضرورة أعداءٌ لنا. مُنْشغِلون بالتآمرعلى كلِّ ما في حياتنا. يزعم المهووسون، بأن إنهيارَ وخرابَ أؤلئك الأعداء الموهومين، ضرورةً لا بُدَّ منها، وحاجةٌ ماسّةٌ لرَفعِ راياتِنا وإنماء مُستقبلنا.
– الخرافة الثانية: ضرورةُ العملِ بكلّ مُتاحٍ، من القول المُفتَري والفعلِ المُتآمر، حتى ولَو تحتَ إمرةِ الرايات الصهيونية وسَدَنَتِها، على تحقيق ذلك الإنهيار، بلْ وتعجيل التآمر والكيدِ البَشع ، بالدّعاء العَدَمي السخيف، و في بعض الأحيان، بحروبِ الإرهابِ الدّموي المُتخلّف.
– الخرافة الثالثة: الظنُّ بأنّ المُجتمعَ المُتَديِّنَ ولَوْ شكلا، رغمَ وهَنِهِ ، أحسن وأرقى وأعظم، من المجتمعات غير المتدينة رغم قوتها.
– الخرافة الرابعة : القولُ بأنّ في إجتهاد كلِّ مَنِ إنتحلَ لقبَ رجل دين وتزّيّا بأزيائِهم الشكلانيّة ، بوَّاباتٌ وعتباتٌ تكفي وحدَها، لأنْ تُبْقيَ الأتباعَ خارجَ الجاهليةِ المُعاصِرة ، وتضمنُ لهُم وفْقَ اشتراطاتِهم ، الجنة وما فيها من حوريات وغلمان مخلدون .
المتبصر فيما سبق من هَوَس، وَوِفقَ حقائق الواقع وشواهده، يجد أنها لا تعدو أن تكون أكثر من معتقدات كارثية لِحشّاشين مُعاصرين ، يُحاولون بالموروثِ من الفقهِ السياسي، وأدبياته العنكبوتية ، غرسَها وترسيخَها عميقا، في لاوعي الكثير من بُسطاء الناس، على ضفاف الأيمان. تُجَمِّدُ العقلَ وتُجَلِّدُه. وتَنْبُشَ كلَّ أعشاشِ الإنفعالات السلبية في التاريخ الموهوم ، وتحرّكها. سعياً إلى إغتيال مُعطياتِ العقلِ والحِكمةِ والعلم، وتشويهِ التّنافس العادِل المُتنوّع والمُتكامِل.
لشبكات المَهاويسِ قدرةٌ عَنكبوتية مُنظَّمَة. ولأدواتِهم مَهاراتٌ فائقة، تَسَوّقُ الكثير في رحابِ المجتمعات المفتوحة ، حيث التنوع المُثري وإيجابيات قبول الآخر، إلى مغاليق مجتمعات وجيتوات وخرابيش ألزُّطْ ، التي يَشيعُ في مَناحيها إنفعالاتُ الكراهية القلبية والتحقير المُفرطِ في سلبيته. والتفنُّن في إفتراض منظوماتٍ منَ الأعداء وتخليقِ الأخْصام. وتقليص دوائر التفاهم المشترك مع الآخر، و نسجِ خطط الإرتطامِ والإصطدامِ بهِ بِعُدوانيّة ِالسيفِ المثلوم .
للحديث بقية …