نظرتنا للحياة
عبد المجيد بلاح | الجزائر
الحياة تمنحنا أشياء و تحجب عنا أخرى؛ نظرتنا لها ترسم كنهها على صفحات أيامنا . للوردة عبير و شوك، من ينظر لها بعين سامية متفائلة يرى جمالها و يشم أريجها، فتنفتح روحه على الرياض الناضرة و تغمرها سعادة أبدية ملونة بلون الحب.
أما من ينظر للوردة بعين متشائمة فاغرة فاها لليأس و الشجن سيرى شوكها و سيكتنف روحه الكفن و يشرب مستقبله الابتذال، فتموت الأحلام قبل ولادتها و تعوضها الأوهام المتشحة غوغاء الأفكار، فيصادف في مسيرته تباريح الحياة و تغمر وجوده الأرزاء.
نظرتنا الفوضوية للحياة يكتنفها السراب؛ فالأفكار المبهمة تطفو على سطح إدراكنا، تقتضب قدسية قلوبنا و تقودنا عميانا نحو الليالي الحالكة، فيغمرنا سبات الفراغ ونغرق في بحر الألم .
من له روح علوية سيرى الحياة ربيعا منمقا بألوان الزهور و أنغام الطيور، سيطير فوق الخمائل يسقيها إكسير الحب وعطر الحنان؛ فلا شيء يضارع مشاعر الحب المسافرة بين الأرواح النورانية التي تسكب على أديم الأرض عسل الحنايا، فينبلج من زهور القلوب رحيق سماوي يلامس النفوس الظامئة.
أما من له روح سفلية فسيجالس الأجداث و يعشق أضغاث الأوهام، سيرى الحياة كشتاء الرفات، يغمره كرى السغب و يسمع حفيف الأوراق كأنها رياح هوجاء .