حول الحرية: نصوص للمستقبل

د. خضر محجز | غزة – فلسطين

إن الإنسان إنما هو مخلوق حر، لأن الله خلقه كذلك، ويحاسبه على ما اقترفت إرادته، بناء على ذلك. وحين يبيع إنسانٌ إرادته الشخصية، لشخص آخر، أو لهيئة خاصة، لا يعود قادراً على التصرف في روحه. ذلك أن إرادته هي التعبير المادي عن روحه.
حين يفقد الإنسان حريته في التصرف، بسبب بيعه لحريته في التصرف، يصبح عبداً. لهذا فقد صدق أرسطو حين اعتبر العبد مخلوقاً دون روح.
ولأن الإسلام ينهى عن استعباد الأحرار، فقد حكم بأن كل عقد، كل عهد شفاهي أو مكتوب، كل بيعة يبيع فيها الإنسان إرادته، لهيئة أو لشخص؛ هو عقد باطل، قام بين متعاقدين كاذبين يخالفان القانونين ـ الأرضي والسماوي ـ لأن أحدهما يبيع ما يملكه حصرياً، يبيع ما خلقه الله له حصرياً، يبيع ما منعه الله من بيعه، إلى آخر يشتري ما لا يمكن شراؤه أبداً.
وإنه لبيعٌ باطل إذن، أن تبيع روحك. وعلى القانون في المستقبل ـ في عهد الحرية التي سيقوم عليها المجتمع الفلسطيني يوماً ـ أن يُجَرّم هذا النوع من العقود، أن يحكم على البائع والشاري بأقصى العقوبات إذ يهينا أكرم ما خلق الله.
سيحكم القانون ـ في المستقبل ـ بالإعدام على جسد البائع، لأنه لم يعد يمتلك روحاً؛ وسيحكم بالإعدام على من يشتري روحاً، لأنه يفتئت على الطبيعة، إذ يمتلك أكثر من روح، بسبب أنه يمتلك مالاً.
إنه لحق وحقيقة، أنه لا ينبغي في مجتمع حر أن يتمكن المال من شراء ما لا يُشترى. ويجب أن يضمن المجتمع الحر عدم حدوث ذلك، بتشريع أقسى القوانين، وتطبيق أقصى العقوبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى