إنقراض نسل ” أخناتون “
فريدة شعراوي | باحثة في التاريخ والمصريات
لا غرابة أن حوى ” قبر توت عنخ آمون ” كل هذه الكنوز العظيمة؛ فقد كان عهد أسرته ” الثامنة عشر ” عهد مجد و عز بلغت فيه المملكة المصرية أبعد مداها، و ادركت فيه من الثروة و الغنى ما لم تدركه في أى وقت آخر.
و من حسن الحظ أن هذه الكنوز قد سلمت من أيدي اللصوص الذين عبثوا بأمثالها في مختلف العصور، اللهم إلا بعض سرقات وقعت على عجل عقب الدفن و شعر أولو الأمر بها وقتئذ فصانوا القبر من أيديهم قبل أن تصل إلى مخدع الملك الذى تودع فيه، و فيما يليه من أنفس الودائع.
و مما ساعد على حفظه طوال هذه العصور، أن رجال الدولة فى تلك الأيام سهروا على حراسته حتى بنى فوقه مدفن ” رمسيس السادس ” بوادى مقبرة الملوك بالأقصر، بعد ذلك بنحو مائتى سنة و طمرت مخلفات هذا البناء مدخل قبر توت عنخ آمون، فأعفل الاصوص عنه و نسى أمره.
كان عهد الملك الصغير ” توت عنخ آمون “مضطرب الأحوال، من جراء الفتنة الدينية التي أيقظها والده ” آخناتون ” بإدخال مذهب عبادة ” آتون ” (روح الشمس) وقد كان مقر الحكم أول أمره مدينة ” أخيتاتون ” (تل العمارنة)، فما زال به الكهنة حتى غلبوه على أمره والانتقال إلى طيبة موطن عبادة أمون، معبود القوم القديم.
و بعد أن كان أسمه ” توت عنخ آتون” و معناه ” صورة أتون الحية ” اضطر إرضاءا للكهنة و اتقاء بأسهم إلى نبذه و التسمى باسم ” توت عنخ آمون ” (صورة آمون الحية) ؛ و لا يزال اسمه الأول (نوت عنخ آتون) منقوشا على أحد جانبى عرشه البديع المعروض الآن فى المتحف المصرى بالتحرير. وضعت صورة كرسى العرش مرفق بالمقالة.
بعد أن انقرض نسل ” أخناتون ” قبض على الملك رجل يدعى ” حور محب ” ( ١٣١٥ – ١٣٥٠ ق . م. ) و كان أول أمره قائدا عسكريا . ولما جلس على العرش وجه عنايته لاصلاح ما نتج عن إهمال أسلافه، و قام بكثير من الاصلاح الداخلي، ويعده بعض المؤرخين المؤسس للأسره التاسعة عشرة.