كتاب: الأب الغني والأب الفقير.. بين الهدم والبناء
إسماعيل السخيري
ليس من السهل أن يقتنع المرء بالعمل الحر ويترك الوظيفة العمومية، لأن هذه الأخيرة تعد مسلمة عند كل فرد من أفراد المجتمع ،لأن الأباء ببساطة يرسخون هذا في عقول أبناءهم ، لذلك تجد إيمان بعض الناس بالوظيفة العمومية أشد من إيمانهم بالله.
على النقيض من هذا يحاول روبرت كيوساكي في كتابه الأب الغني والأب الفقير.. ،أن يقنعنا بدعواه التي مفادها أن العمل مع الحكومة غير مجدي تماما، ذلك أنك ستقضي عمرك كله تعمل لصالح الحكومة ولن تتقدم في أي شي، لأنك ستكون غالبا مكبلا بالديون والضرائب والحاجيات، ولن تخرج من سباق الجرذان أبدا كما يسميه روبرت ، وأكثر من ذلك حسب الكاتب يكون الناس مكبلون بالأمل، نعم الأمل في الرفع من أجورهم معتقدين أن ذلك سيحل المشكلة، فيتفاجؤون في الأخير بتفاقم الوضع ولا يتيسر حالهم أبدا.
إن عادات المرء في الإنفاق هي من تسبب له الفاقة وتزج به في سجون الدنيا الخوالي ، لأنه مادام الإنسان يعتقد أن منزله يعد من الأصول فهو خاسر ومفلس حتما ، فحسب روبرت لا يعد المنزل من الأصول بل هو من الإلتزامات ،وأن على المرء أن يعي هذا قبل فوات الأوان لأن الأصول هي كل ما يدر دخلا على الفرد من مشاريع وعقارات وغير ذلك، والخطة الأساس لزيادة الدخل حسب المليادير روبرت هي الاستثمار في الأصول، لأنها هي التي تولد دخلا ، فإذا كبرت كبر الدخل عكس ما يفعل الفقراء تماما يضيعون أوقاتهم في شراء الالتزامات بدلا من الاستثمار في الأصول التي لا تشمل المنزل أبدا ،إن روبرت ليس عدوا للوظيفة بل يمجد العمل الحر الذي يوصل إلى الثراء سريعا، لأنه بإمكان الشخص أن يستمر موظفا ويعمل عملا آخر يعزز به أصوله عبر تدفق الأرباح ، كما كان يفعل والده الغني تماما ولا يفعل والده الفقير المدرس ، الذي كان غارقا في الديون ،وهي قصة جميلة ذات عبرة ابتدأ بها روبرت كتابه الذي هدم به أفكارا لطالما شكلت لب وعي الكثيرين، وهي خاطئة أساسا.
إن الأصول هي السر الذي جهله الفقراء كالأب الفقير الذي يعمل مع الحكومة ، واستغلوه الأغنياء وحصلوا على امتيازات كثيرة وأسسوا الشركات واستفادوا من الإعفاءات الضريبية وغامروا في صفقات العقارات الكبيرة والصغيرة التي يخافها الجرذان طبعا ، ثم كسبوا ثقة عمالهم ودفعوا لسماسرة العقارات الكثير الكثير، مما جعل كل فرصة سانحة تأتي لصالحهم، لأنهم عرفوا قيمة المال وجربوا العمل بدون مقابل وعرفوا مكر الوظيفة فزهدوا فيها واعتكفوا في الاستثمار ، هكذا يلخص روبرت الفرق بين الغني والفقير لأن الفقير ليس فقير المال بل العقل ، وأن الآباء الفقراء لا يعلمون أبناءهم ما يعلمه الأغنياء لأبناءهم ، لذلك تجد الكل مشغلول بسباق الجرذان، الذي لا ينتهي، بينما القليل القليل من يلتفت إلى أبواب الغنى الواسعة .
قبل أن يختم الكتاب قدم روبرت أيضا نصائح للأغنياء باستمرار تطوير أنفسهم، وحضور الدورات التدريبية والندوات باستمراروالإنفاق على ذلك ، للإحاطة أكثر بالمال والأعمال ،ولم ينسى روبرت كيوساكي في الأخير أن يذيل كتابه بنصائح عامة مهمة، كان أهمامها ذكر بعض القدوات والحث على الجود والكرم ومساعدة الآخرين لأن من ساعد الناس ساعده الله يقول روبرت كيوساكي.