سياسة الكيل بمكيالين

رضا راشد | الأزهر الشريف

 

وإنما نعني بقولنا الكيل بمكيالين:ازدواجية المعايير؛ وهذا مأخوذ من أن الرجل كان يستعمل كيلا كبيرا لنفسه إذا اشترى، وكيلا آخر آخر إذا باع: فهو إذا اشترى استوفى حقه كاملا، وإذا باع بخس المشتري حقه. وهذا هو التطفيف الذي ذكره ربنا في قوله تعالى:{ويل للمطففين○ الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ○ وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} وهذا من أمارات الظلم لأن العدل هو أن يكون لك كيل واحد: بيعا وشراء، وأن تقاس الأمور بمعيار واحد لا يتغير، وتوزن بميزان واحد لا يتبدل.

لكن أما وقد استحوذ الظلم على العالم وغاب عنه العدل، فلا تعجب إن كان هناك ألف مكيال لا مكيالان فقط.. في عام 2008 كانت القنابل تدك غزة دكا حينما كان الناس منشغلين بمتابعة بطولة كأس الأمم الأفريقية.ولكن لاعبا واحدا (هو أبو تريكة) انتشل نفسه من هذا الهزل ليحمل قلبه هَمَّ أمته، فأراد أن يستغل الحدث في لفت أنظار الناس إلى ما يحدث في غزة، فكان أن أبان عن هذه اللافتة عقب إحرازه لهدف في إحدى المباريات.

فماذا كان؟
وقتها قامت قيامة الناس شرقا وغربا، وثارت ثائرتهم، وأخذوا يتشدقون بأنه من الخطأ -بل من الخطيئة- استغلال الرياضة في السياسة، وأنه لا بد أن ننأى بالرياضة عن السياسة إلى آخر هذا اللغو

والآن:
وبعدما ظهر للقاصي والداني تأييد لاعبي برشلونة للكيان الصهيوني ..لم نعد نسمع لهم حسا يستنكر استغلال الرياضة في السياسة.
ولا عجب؛ فنحن نعيش زمان الكيل بمكيالين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى