الحنين
هند خضر | سوريا
بعد الفراق …يومياً أهرب من صخب النهار إلى مساء بنفسجي حالم يأخذني إلى مدن الذكرى و عالم الأحلام، أهرب إلى مساء يشبه أمسياتي المضيئة بك ..المتوهجة بقربك ..
أحاول أن تكون أمسيتي ناعمة كنعومة جلد طفل حديث الولادة، بين يديّ بضعة أوراق تنتظر مداد اليراع ليخطّ عليها ما يعتري القلب، ليبوح بما عجز اللسان عن النطق به.
يخطر لي أن أقول لك مازلتُ أحبك و مازلتَ تختبئ بين ضلوعي وأنني أشتاقك في الثانية آلاف المرات وأن حنيني إليك يؤرق مضجع قلبي و يشعل ناراً في روحي لا أحد قادر على إخمادها إلا أنت ..
في المساء ..يجلس الحنين على الأريكة و ينادي باسمك، فأين أنت؟ لا أدري ..يخطر لي أن أسألك: كيف تقضي لياليك المبللة بغيابي عنك؟وهل زارك النوم في أول ليلة مرت بدوني أم بقيت مستيقظاً مثلي؟
آه من الحنين ،من وجعه الذي لا يرحم ومن اشتداده ليلاً، يدخل بلا استئذان إلى حنايا روحي ..مذنباته تعبر فضائي ..
آه منك و ألف آه من تأثير خطواتك عندما تمشي في مدخل قلبي ..
آه من خيوط الوصال التي تقطعت بيننا للأبد ..
تقارب الساعة الرابعة صباحاً و الكرى لم يداعب أجفاني بعد فكيف ستنام العين والقلب مازال مستيقظاً؟ وأدرك في الصميم أنك لم تنم بعد فتصحو الذكرى من الصور العالقة في الأذهان، من سماع أغنية لامست مشاعرنا في يوم من الأيام، ربما أغنية للبرنس أو للقيصر لطالما نقلتنا من قارة لأخرى، من رائحة عطرك الشهي تهبّ نحوي فتفتح باباً أغلقه الزمن ،من رشات الغزل التي كنت تضعها على طبق حبك لي فمنحته مذاقاً لذيذاً مازلت أشعر بطعمه إلى يومي هذا ..
يكاد دماغي يتهالك عند شواطئ ذكراك وألف سؤال يراودني ولا ألقى إلا الصدى ..
و هكذا تصبح ليلتي باردة، طويلة وقاسية كقساوة الصخور بعد أن كنت أستعد للاحتفال بها على ضوء شمعة حمراء مع موسيقا هادئة تروقي لي وقمر الليل ينير الكون من حولي وليس معي سوى بقايا منك و من كلماتك التي غزلتُ منها ثوباً لأرتديه في ليلة العري من الحب..