من رسائلي إلى السيدة “ع ” (1)

بسام الشاعر | كاتب مصري 

يا «ع»

ظالمة أنت، يا ويلتي.. من دولة تطغى ولا تعدل!

نعم هو ذاك، وإلا فلمَ غضبتِ من كلامي أمس؟! ألستِ يا «ع» أولى الناس بفهمي وتوجيه كلامي حيث أريد جعله لا حيث يريد جعلَه الناس؟! ألست التي تفهم ما يقال دون أن أقول؟! ألست التي تدرك حتى الأسرار قبل أن أومئ بالأسرار؟! فلم إذن قولك: أنا غير مقتنعة، وأنا لا أصدق؟! لم تقولين إني نفيت حقيقة وجودك؟! ومن أين حصلت كل تلك الجراءة لتذكري هذا القول الحاد؟!

علم الله أني لم أقصد هذا يا «ع»، وأنا لست في حاجة إلى قول هذا، أو الوقوف خلف سور من الرمز أو الخيال أحتمي به! ثم هل من كاتب يكتب رسائل مدة خَمس السنوات فقط من خياله إلى شبح ليس له وجود دون أن يصيب الخريف والنضوب خياله ونفسه؟! أتصدقين ذلك يا «ع»؟! أليس في ذلك وحده وذلك فقط ما يثبت لكل متأمل حقيقة وجودك؟!

لا أدري يا «ع» كيف تقولين هذا، ثم تأكدين وتقولي: إني أتوارى أو أجنح إلى الرمز والتمويه على القراء بذكر ما يخص (من تكون «ع»)، وتذكرين جبران وابتداءه أول الرسائل «عزيزتي مي»، وتذكرين غسان وافتتاحه الرسائل «يا غادة»، وتقولين إنهم يصرحون ولا يرمزون، وهذا كلام حسن يا «ع»، ولكن دعيني أطرح السؤال الذي يجيب عن كل علامات الاستفهام تلك في هذه الرسالة: أنا أمتلك شجاعة جبران وبأس غسان، فهل تمتلكين أنت شجاعة مي أو تصريح غادة وعدم اكتراثهما؟! لا بأس، أنا أعلم الجواب.

دعينا من هذا الآن، فإني غافر لك ما كان منك! أتعلمين أي شيء أشتاق؟ تذكرين تلك الجلسة أمام النيل والشمس تفكر في ترك السماء وقد انزوت في ركن منها، النسيم يداعب وجه النيل فيتبسم النهر وقد تهللت أسارير صفحة الماء! والعصافير تطير بالقرب من أعشاشها حولنا وهي تردد أناشيدها العذبة، وشعاع الشمس الواهن في عينيك يتألأ فيهما! وفي وجهك بشر وسعادة تبعث في قلب الناظر إليه سعادة أبدية خالدة! وأنت تنظرين بعيدًا في أقصى النهر كأنك تنظرين شيئًا من الغيب! كنت بالغة الحسن يا «ع»! وكأنك داخل لوحة من العصر الفيكتوري! بل أجمل لا شك! أفتقدك يا «ع»! ما أسرع الأيام في انقضائها! وما أشد ما تتركه في النفس من حنين! أفتقدك إلى حد غير موصوف يا «ع»!

الآن تردد فيروز في سهرة حب: «يا خسارة الحب، يا خجلة الأمل! يا أسف الليل، مضى وقت السهر!»، اخلدي إلى النوم أيتها المشاغبة الصغيرة، ولتكوني يا أحلام السعادة فوق وسادها الوثير! ولتكن يا قلبها الغض في بشر وفرح! كوني بخير أبدًا، والله يحفظك، والله يرعاك!

ملاحظة: نسيت أن أقول لك ما أجمل ضحكتك يا «ع»! ما أعذبها في نفسي! ما أجمل هذا النغم الذي يحرك معه في كل نغمة قلبي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى