خطبة الأقصى الجمعة 9 شوال الموافق 21 مايو 2021

د. خضر محجز  | غزة – فلسطين

لقد استمعت إلى تسجيل لخطبة المفتي كاملة، ورأيت أنه ذكر فضل الأرض المباركة والرباط فيها. وقال إنها الشام، التي تمتد من الفرات إلى العريش ـ والقدس والأقصى في القلب منها ـ وأن أهل هذه الأرض المباركة في رباط إلى يوم القيامة، وأنهم ـ من دون الأموات ـ يُنَمّي اللهُ أعمالهم بعد موتهم.

كما هاجم الخطيب في خطبته مراراً ـ صراحة ولمزاً ـ الدول العربية المتخاذلة عن نصرة الأقصى، ووصم من كل من يتخاذل عن نصرة فلسطين بالنفاق، بقوة ما بارك للفلسطينيين من البحر إلى النهر ـ وبيت المقدس وأكناف بيت المقدس في القلب منهم ـ رباطهم، ودعا لشهدائهم وأسراهم.

وأكد المفتي طوال خطبته على أن النصر لهؤلاء المرابطين، وأن الأمة تستمد العزة منهم، وأنهم الطائفة المنصورة التي بشر بها اللهُ الأمة.

كما دعا المفتي الفصائل إلى الوحدة، واستنهض العرب أن يقوموا من سباتهم.

فلماذا هاجمه المهاجمون واعتدى عليه المعتدون؟

لأن القدس تعاني من فراغ أمني فلسطيني، يستطيع به المنافقون والمأجورون أن يعتدوا فيه على أمن الناس، كما يحلو لهم، بتشجيع من الصهاينة، الذين هم في الغالب من يدسهم ويدفع لهم.

وكنت في السابق، حين يتاح لي الصلاة في القدس، ألاحظ النبرة المرتفعة لجماعات تزعم أنها تدعو إلى الخلافة، تنشر الآراء التكفيرية، وتجهر بها في القدس، وتُكَفّر جميع المسلمين سواها. وعلمت بعد البحث أن غالبهم من حزب ذي ديباجة داعشية تعتقد عقيدة الخوارج.

ومن أمثال هؤلاء ـ ومن ضئضئهم ـ كان قتلة الشيخ العلامة محمد حسين الذهبي (صاحب كتاب التفسير والمفسرون) بمصر في السبعينيات من القرن الماضي، والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، قبل سنوات قليلة، في سوريا الشام، التي تعيث فيها هذه الجماعات خراباً، وتنظر إلى ما يحدث في غزة، ولا تطلق رصاصة واحدة على الصهاينة بل يتعالج جرحاها عندهم في مستشفيات الدولة اليهودية.

ها هي هذه الجماعات تبدو غاضبة لغزة، غضباً كذوباً كغضب المنافقين ـ حين اعترضوا على قسمة رسول الله للغنائم يوم حنين ـ بزعم أن المفتي لم يلفظ اسم غزة في خطبته. كأن غزة ليست من أكناف بيت المقدس، وكأن غزة ليست هي التي أعلن المفتي اعتزازه بكل شهيد من شهدائها، ودعا إلى نصرتها، وكأن المعركة من الأساس قامت من أجل غزة، لا نصرة للقدس.

إنها جماعات متطرفة لا يهمها أن تتعاون مع الصهاينة لقتل المسلمين، قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وإرم”

هل هم من فعلوا ذلك اليوم، أم جماعة أخرى جديدة ترغب في وراثة السلطة الفلسطينية، أم هما مجتمعتين؟

ذلك سؤال يستطيع الإجابة عنه أهل القدس، ومن الممكن أن يكون له علاقة بما حدث قبل سنوات، حين رفعت بعض هذه الجماعات هناك صورة الرئيس المصري المعزول مرسي في باحات الأقصى، وما رافق ذلك من هتافات ضد حكام مصر وفلسطين. ذلك أن الجماعات المتطرفة موحدة في حربها على كل نهضة أو وحدة عربية أو إسلامية.

وأخيراً لا أجد مناصاً من دعوة كل مسلم إلى شجب ما حدث من عدوان مقيت على مفتي القدس في بيت الله الأقصى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى