غلاء المهور.. قصم للظهور
محمـــود الحسيني | كاتب صحفي مصري
يعد غلاء المهور من أهمّ أسباب عزوف الشّباب عن الزّواج، فالشّاب الذي يكون في مقتبل عمره، ويرغب بالزّواج يُفاجأ ويُصدم من قيمة المهر الذي يطلبه أهل الفتاة، خاصّة أنّه لا زال في بداية حياته، وتكاليف الزواج غير مقتصرة على المهر، بل هناك تكاليف الزفاف، والمسكن، وأثاث المنزل، وغيرها من الأمور، فتطول رحلة البحث لديه عن العروس المناسبة، وقد يستمرّ ذلك سنة أو أكثر ولكن دون نتيجة، والطامة الكبرى أنه كلّما مرّت به السّنوات زادت المهور غلاءً.
فالمغالاة في المهور ظاهرة تستحق المواجهة، لأن الزواج في الأساس قائم على المودة والرحمة، لا المباهاة والمنافسة، والبركة دائما مرتبطة باليسر والتسهيل، وقد جاءت النصوص الشرعية تحث على هذا، فقال نبينا الكريم “أكثرهن بركة أقلهن مهوراً”.
والعجيب، أن الكثير يعلم أن البركة مرتبطة باليسر، ويتحدث عن هذا، وعندما يتعلق الأمر به يبتعد عن هذا المفهوم، ويفعل ما كان هو يرفضه، متناسيا أن الهدف من الزواج هو السعادة لا الشقاء، وتجده يسوق النماذج السيئة التى فشلت في حياتها الزوجية، أو مقلدا من أجل المباهاة والتفاخر، متخذا من ذلك مبررا لرفع التكاليف من منطلق التأمين والحماية وأن بنته ليس أقل قيمة من الأخرين، وكأن الأمر عبارة عن سلعة تباع وتشترى.
وما يدعو للاستغراب، أن هناك من يتسبب في التضييق على نفسه وعلى أسرته لسنوات أو الاقتراض من أجل تزويج بناته، ولسان حاله “بنتى مش أقل من أى حد”، فبمثل هذه الأفعال تُكثر من المفاسد، كزيادة العنوسة في المجتمعات، وليرتطم طموح الشباب بخيبة الأمل، فينحرف مع رفقاء السوء فيضلوه، وتزيد الاستجابات لداعى الهوى والشيطان، ويبعد الجميع عن روح الشرع ومقاصده.
وختما، لا بد من مواجهة هذه الظاهرة وبكل قوة وحسم، ولابد من تضافر جهود الجميع لتغيير مفهوم الزواج، ونشر قيم اليسر بين الناس، حتى يتحقق الاستقرار المجتمعى وتزيد الألفة وتعزز الأواصر فينعكس ذلك على الوطن والأوطان.