سنة التفقد (١)

رضا راشد | الأزهر الشريف

إن من السنن المهجورة في حياتنا، سُنّةَ التفقد التى يتأكد وجوبها علينا بعدما تيسر من وسائل الاتصال ما تيسر .

وممن عقد الفيس بوك بيني وبينه عقد مودة لا تنفصم أخى الحبيب عبد الله راتب النفاخ الذي صادقته منذ عام ٢٠١٤ فوجدته من أنقى الناس قلبا وأصفاهم نفسا وأطيبهم خلقا حتى عند الاختلاف .

وقد تجسد نقاء قلبه وصفاء نفسه في أن أزيلت بيننا سريعا ما يكون بين المتعارفين حديثا من حواجز الهيبة والتكلف، فكنا كصديقين تربين نشآ معا وتربيا في حجر واحد معا ؛يبثني آلامه وآماله ويستمع إلي استماع من حب لمن طب، ويستنصحني فيما هو مقبل عليه من خاصة نفسه، فيقبل بعد ذلك أو يرفض، ولكنه في كلتا حالتيه لا يلبث إلا أن يتوج جبينك بتاج من الشكر يزينك به .

كان ذلك عندما كنت مبعوثا من الأزهر الشريف إلى دولة سريلانكا؛ إذ كنت أجد متسعا من الوقت أقوم فيه له بحق أخوتى له ،فلما عدت إلى مصر وكثرت الشواغل وتزاحمت علي الهموم ،فرّطت فيما كنت أنا به قائما من قبل من حق الإخوة، إلا من تعليق طريف، أو جواب عن تعليق، أو سؤال عابر.

حتى إذا كان عصر اليوم وجدتني أبادر فأتصل به معتذرا عما فرط، مستدركا ما فات ..فلم أجده إلا كعهدي به: صفاء نفس، ونقاء قلب، حيث لم يشعرني بتقصيري، بل غمرت سعادته بمكالمتي كل ما كان مني من تقصير ..فلم يحوجني إلى كثير اعتذار، ومع ذلك انتهيت من المحادثة وأنا أكثر شعورا بالتقصير في حقه، حيث علمت بأنه قد مرت به ظروف عصيبة كان وقتها أحوج ما يكون إلى مؤازر إخوانه، وأنا في أولهم، وكانت سعادتى بمكالمتي وما ذكره من أنها خففت عنه بعض آلامه ، مما ألقى علي بعبء الشعور بالذنب أكثر وأكثر

فيا أيها المتحابون في الله :
أحيوا سنة التفقد المهجورة فيما بينكم؛ فربما مرت لحظات على إخوانكم كانوا فيها إلى كلمة منكم أحوج من جائع لطعام أو ظمآن لماء او من مخنوق لهواء .

لقد سارت بنا الأحاديث في دروب كثيرة حتى انتهى بنا الحديث عند قضية فقهية استحوذت من وقت المكالمة على أوفر نصيب ..فكان سؤال وكان جواب
فما السؤال؟
وما الجواب؟
ذلكم ما يكون في المقال القادم إن شاء الله تعالى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى