سلام على د. سلام فياض الغائب الحاضر

محمد زحايكة | فلسطين

د.سلام فياض.. رجل دولة وسياسي واقعي يطمح الى تنمية شاملة تكون رافعة للحرية والسيادة والاستقلال التام ..
خلال اشغاله رئاسة الوزارة الفلسطينية مطلع الألفية الثالثة ، حاول د. سلام فياض ابتكار اسلوب عملي واقعي في مجال التنمية والنهوض بالمجتمع الفلسطيني ليكون اكثر اعتمادا على الذات وأكثر صمودا وقوة في مواجهة التحديات التي لا تتوقف.. هذا ما كان يلمسه الصاحب او يسمعه من خلال بعض المقربين من صنع القرار او من بعض وسائل الاعلام الأجنبية المفروض ان تكون محايدة في النظر الى هذا البعد الداخلي وتقييمه كما فعل على سبيل المثال الصحفي الأمريكي المعروف توماس فريدمان في نيويورك تايمز لدرجة وصف فيها سياسة ورؤية فياض في إدارة البلد بأنها حالة من “الفياضزم ” كما اطلق عليها وتنبأ لها بنجاح ما في نقل الفلسطينيين من مربع المعاناة والضعف والقهر الى مربع من القوة والتعافي الاقتصادي الذي يمكنهم من تحقيق مزيد من الإنجازات على طريق الوصول إلى حريتهم وكرامتهم وحقوقهم السياسية على طريق الكفاح الطويل .
ولكن لا تمشي الرياح كما تريد وتشتهي السفن ، فسرعان ما تم إجهاض هذه التجربة او المحاولة وراوحت الأمور مكانها ما دام الخواجا شلومو هو الآمر الناهي ويملك مفاتيح الدخول والخروج الى اي مكان في هذا الفضاء الفلسطيني المكبل والمقيد و” المرشوم ” بحواجز وجدران عازلة ومكعبات ومقطع غير موصل الى كانتونات اكثر من مئوية..
وتسنى للصاحب مرات قليلة الالتقاء بشكل عرضي مع د. سلام فياض الذي بدا باسما متواضعا يحترم الجميع وخاصة الصحفيين ورجال الاعلام والمثقفين إجمالا ، الذين يقدر دورهم في تنوير الرأي العام وإيصال الحقائق للناس كما هي بدون تجميل وتزويق خادع وكاذب وفارغ من المضمون .
َكان الصاحب يستمع الى اطراء واسع من البعض وخاصة من الزميل الاعلامي والمراسل السياسي لصحيفة الايام المعروفة عبد الرؤوف الارناؤوط بطريقة عمل فياض المتسمة بالابتكار والإبداع وبالاحاطة بكافة العناصر الموضوعية على الأرض والتفاعل الحيوي مع القطاعات الأساسية والنخب المؤثرة والدور النشط والمتقدم والمطلع على حيثيات القضايا المجتمعية والسياسية الذي كان يلعبه مستشاره الوفي ومدير مكتبه القيادي والمناضل جمال زقوت .
وقد اوعز د. فياض اكثر من مرة بضرورة الاهتمام بمؤسسات القدس ورعايتها ودعمها ومن بينها نادي الصحافة المقدسي الذي شهد حالة من النشاط الاعلامي والثقافي في تلك الفترة حيث كان يتبع القول بالفعل ، فإذا قال فعل وتابع وانجز ، طبعا في حدود الامكانيات المتاحة والمتوفرة كما تواجد اكثر من مرة في مؤسسات القدس وتفاعل مع نبض الشارع على طول الوطن وعرضه مزيلا الحواجز بين المسؤول والفرد العادي .
ظاهرة د. سلام فياض ولا شك ظاهرة خاصة لها ما لها وعليها ما عليها ، ولكن الثابت فيها بعيدا عن فكر المؤامرة والتشكيك هو انها حالة جدية تطمح للتغيير الى الأفضل من خلال العمل اولا وعاشرا بعيدا عن الاستعراض والتذاكي السياسي والشعبي مدركة لعناصر قوتها وعناصر ضعفها ومحاولة الوصول إلى العنب وليس الى مقاتلة الناطور..؟؟
وهناك أصوات واقعية كثيرة ما زالت ترى في إمكانية اسنتساخ هذه الظاهرة واعادة تعويمها من خلال الطموح الذي ينشده د. سلام للعودة مجددا الى صدارة المشهد اذا ما سارت الأمور بهذا الاتجاه . إذ يبدو أن له ما يقوله وما ينفذه بهذا الشأن ، فهل ينال فرصة أخرى للمساهمة في إعادة وجهة البوصلة الفلسطينية نحو القدس ونحو أهداف حقيقية عليا يصبو الشعب الفلسطيني منذ عقود لتحقيقها ، هذا ما نأمل أن يجيب عنه الزمن القادم غير البعيد .
باختصار ، د. سلام ومرحلته كانت تجربة لها انصارها ولها منتقدوها ، وهي تبقى مدرسة سياسية واقعية تعمل على مراكمة الإنجازات الصغيرة لتتحول مع الوقت الى انجاز كبير وملموس متحول على أرض الواقع . د. سلام فياض رجل دولة من طراز خاص، سياسي مخلص وواقعي يعمل بصمت وهدوء ونفس طويل ، نتمنى له كل النجاح والتوفيق في المساهمة الفاعلة نحو تغيير هذا الواقع البائس اذا ما قيض له العودة إلى واجهة الأحداث .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى