عندما ماتَ الشّاعرُ بينَ يديه ِ…

اسماعيل حقي الجنابي-العراق
تَلَفَّتُّ لمّا لمْ أجِدْني بمقعدي
ووجهي بلا وجهي وقلبي على يدي
وفتَّشتُ عن ظلّي كأنّي رأيتهُ
تشَظى بجلدي بين بعثي ومولدي
تحسّستُ جسمي بين جسمي فلمْ أجِد
سوى بعضيَ الظمآنِ في جوفِ موقدي
وفتَّشتُ أحلامي وعن ظلِّ نخلةٍ
تفيّأتُها يوماً وعن ظلِّ موعدِ
مسافةُ موتي نحو موتي أعُدُّها
بما كنتُ أشكو من تباريح ِ مجهدِ
أقَلِّبُ لي كفَّاً على كفِّ ظاهر ٍ
لباطن ِ مايعنيه ِ منّي توحُّدي
تقصّيتُ أستجدي طويلاً بهمّتي
وقد غاصَ بي مُهري وزاغَ مهنّدي
تخالفتُ ضدّي كنتُ وحدي مُحَكِّمي
ولاخصمَ لي غيري ، فَمَنْ بي سأفتدي
كأعمى أضاعتْهُ عصاهُ ويرتجي
عصا غيرهِ أعمي يمرُّ ليهتدي
بليل ٍ وليدِ السّهدِ جفّتْ عيونُهُ
أسَهِّدُ لي بدراً على عينِ أرمد ِ
وقفتُ على بعضي ، وبعضي يحارُ بي
كأنّي بهِ جلدي وعظمي وذي يدي
وحولي عراةٌ يُشبِهُ الموتُ جلدَهم
يباكونَ من أمسي رحيلاً سيبتدي
يُمّنَّونَ بي عزما ً وعزمي مقطّعٌ
ويرجونَ لو.. هيهاتَ بعثي وموعدي
وأسرفتُ لكنّي على بعد ناظري
توسّدتُ حوضَ الماءِ عندَ تشهّدي
ولاشيءَ أهلي علَّقوني سحابة ً
بدربِ أمان ٍ بالمنايا مُعَبّدِ
تمنيتُ لو عمري على دربِ نجمةٍ
فأوصلُ من أمسي بيومي.. إلى غدي
وعادوا جميعا ً حينَ عادتْ مخاوفي
ووحشةُ ضيقِ القبرِ في كلِّ مقصدِ
منازلُهُم تزهو ، ووحدي منزلي
بلا منزل ٍ ، أصبو إليهِ وأغتدي
وكوّرتُ جسمي في مدار ٍ مُضَيّقٍ
ورأسي بحِجْري في بياضِ ممددِ
وجاءتْ فتاةٌ يسحَلُ الظلُّ خَطوَها
تحُثُّ نجومَ الليل ِ نحو تمرُّدي
تصيحُ استفقْ .. ليلي طويل ٌ بوحشتي
ومَنْ لي على صبري وطولِ تنهُّدي ؟
سوى أنَّ للنَّاعي عيوناً وأين لي
عيوني وقد ضيّعتُها ..يا لحُسَّدي
أفِقْ أيُّها الغافي على بابِ صمتهِ
لقدْ جفَّ عودي ، وارتوى الذّلُ موردي
أفِقْ كلُّ ليل ٍ أطفأ اليومَ نجمَهُ
وضلَّلتْ الأعرابُ ماكنتَ تهتدي
وحوّمَ صمتٌ ثمَّ أحسستُ غفلةً
يداً من خلال ِ الموتِ قد أمسكتْ يدي
وأمسكتُ .. لم أمسِكْ ولكنْ لمستُها
كأنّي انتهى عمري بما كنتُ أبتدي
ونامت على حِجْري ونمتُ بحِجْرِها
وغنَّيتُها موتي وغنَّتْ لمولدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى