حكاية
رياض ناصر النوري | سوريا
مُذْ كانَ في سنّ الخامسةِ
وهو يحفظُ عنْ ظهرِ قلبٍ
تفاصيلَ الحكايهْ
فوالده حَدّثهُ عنْ قطارٍ
سيمرُّ وَسطَ المدينةِ
ليشطرَها نصفينْ
قطارٍ بإحدى عشرةَ عربةً وعربه
ذاتِ نوافذَ
تصلحُ للشرودِ وللوداعْ
ولدخولِ رائحةِ القرى دونَ استئذانْ
وأنَّ والدَهُ
-كما وردَ في كتابِ تاريخ العائلة –
تجادلَ أكثرَمن مرّةٍ
مَعَ جارهم الذي ماتَ في الحربْ
عمَّا إذا كانَ القطارُ
سيمرُّ من غربِ المدينةِ إلى شرقِها
أم من جنوبِها إلى شمالِها ؟
و إنْ كانَ سيسيرُ ببطءٍ
أو سيمرُّ كلمحِ البصرْ
محملًا بالتينِ والزيتون ِ
وخابياتِ
دموعِ الراحلينَ دونَ إيابْ
محمَّلًا بتوابيتَ
محكمةٌ أخشابُها بمساميرَ نحاسيهْ .
وفي سنِّ الثالثةَ عشرةَ
أكدَ معلمُ القراءةِ
صباحَ يومٍ شديدِ البرودةِ
أنَّ للقطارِ تاريخًا عَريقًا ومجيدا
فضائلَ
وكراماتٍ كما الأولياءِ
تُبصرُ عادةً حينَ يطلقُ صفيرَهُ
في البوادي منتصفَ الليلِ
فتفزعُ الأفاعي والثعالبُ
وينشرُ الشيحُ عطرَهُ في غير موعده .
وحينَ بلغَ الحلمَ
عَانقَ امرأةً
فوقَ سريرٍ وثيرٍ في ذاك القطارْ
امرأةً أنجبتْ له
في المحطةِ العشرينَ
مُدُنًا خاويةً
مِنَ العصافيرِ
والياسمينِ
والشعراءْ .