على قيد حرف
مريم الشكيلي | كاتبة عُمانية
إن ما أشعر به وما يطأ في داخلي ليس حزنا؛ بل هو أعمق وأعمق من ذلك وإن ما يمشي على تربة صدري ليس ذاك الفراغ الذي يجعلني مقيدةً حتى من صوتي وإنما هو شيءٌ يشبه الموت الذي يجعلك مشلولا لا تقوى حتى على انتزاع قبعة القلم.
كان ممكنا” لو إنك انتشلتني من ذاك العمق الذي وقعت فيه ولو أنك أنقذتني بسؤالك وتشبثك بهزائمي لا بملامحي كان ممكنا لنا أن نعبر ذاك الفاصل بين حديثي وصمتك وبين تجلطات حرفي واكتمال فرحك.
كنت من الذين يهجرون أسرة أبجدياتهم ليفترشوا أحلامهم والجالسين فوق رماد أيامهم والعابرين من فجوات قلوبهم والمتسللين من ثقوب جدرانهم الصماء الذين يجرون أثواب أمنياتهم على أرصفة الذاكرة.
أنا الآن أقف على حافة جرف الكلمات المبتورة من شجيرات قصائدنا وأهبط من سلالم الحياة بلمحة ضوء وعتمة حلم.. ليتك كنت تعلم عن المدى الذي وصلت إليه من الشتات ومن ذاك العطب الذي ترك أثرا” على جلدي ودفاتري.
إنني الآن أفتقد إلى بساطة الأشياء وملامح التفاصيل الصغيرة التي كانت تملك حق مجالستي؛ أفتقد أن أمشي إلى تلك المسافات البعيدة دون أن أتعثر بمطبات الحياة ما نفع حبر يكتب بعوجاج فرح وبثقل الحنين على السطر وما نفع قوافلي الكتابية وأنت كما أنت تأتي بنصف الأشياء المدهشة.
بلغ بي الأمر كأنني ساعة رملية ينفد منها الوقت دون ضجيج؛ كشمعتك التي نسيتها ليلا فانصهر ضوؤها وهي تجاهد لتبقيك على قيد كتاباتك.
أحن كثيراً إلى عوالمي الخالية منك ومن مفرداتك التي علقت بجلابيب قلمك أحن إلى فضفاض ورقي الذي يكبر بمحاذاة حضورك.