شواطئ للمُحجبات!

صبري الموجي| رئيس التحرير التنفيذي لجريدة (عالم الثقافة)

من ذاكرة ماكتبتُ..

أنه فى برنامجه الشهير، استضاف الإعلاميُ المصري وائل الإبراشى بعضا من ضيفاته المُحجبات اللائى أعلنَّ استنكارهن رفض بعض شواطئ شرم الشيخ دخول المُحجبات إليها؛ حفاظا على المظهر الحضارى للمدينة، وحرصا على شعور السياح.

وحتى تزداد الحلقةُ اشتعالا ألقى الإعلامى اللامع حجرا فى الماء الراكد، بعدما أعلنت إحدى الضيفات أن الحجاب من الشرع، حيث أكد أن الحجاب زىٌ ولا يمكن أن نختزل الدين فى لباس.

ورغم أن قول الإبراشى حقٌ – وهو عدم اختزال الدين فى قضية الزى – إلا أنه أراد به باطلا، حيث نسب لضيفته ما لم تقله، وجعل من نفسه مع ضيفاته خصما وحكما فى آن واحد، فأرخى حبل الحديث لضيفاته المعترضات علي الحجاب عبر الهاتف،  وضيّق الخناق على ضيفات الحلقة، مُجافيا الموضوعية التى لابد أن يتحلى بها الإعلامى.

وبعيدا عن حُكم الدين فى الحجاب، وهل هو من الشرع أم لا، وعن مدى مشروعية دخول المُحجبات الشواطئ؛ استمتاعا بالإجازة، وهربا من حرارة الصيف، دعونا نتفق على أنه إذا كان مسموحا للأجنبيات الغريبات عن بلدنا الاستمتاعُ بشواطئنا، دون إلزامهن بزى مُعين يتوافق مع صبغتنا الإسلامية، فكيف تُمنع المُحجبات من سكان البلد الأصليين من دخول شواطئنا وقرانا السياحية؟

الأمر الثانى على اعتبار أن السياحة من أهم مصادر الدخل فى مصر فلابد من تنشيط السياحة المحلية، خاصة فى ظل ركود السياحة الأجنبية؛  نتيجة أعمال إرهابية خسيسة تجرى على أرض مصر بين الحين والآخر، أحجم بسببها كثيرٌ من السياح عن زيارة مصر مُؤخرا.

كما أن منع هؤلاء النساء من دخول الشواطئ رغم تملُكهن عقود ملكية وحدات مصيفية وشاليهات تمنحهن حق الانتفاع بالمرافق والخدمات بحجة أنهن مُحجبات هو صورةٌ من صور العنصرية البغيضة التى تتنافى مع دولة القانون التى تعمل الدولة على قدم وساق لترسيخها.

و ادعاءُ البعضِ بأن الحجاب وسيلةٌ ناجحة لتنكر اللصوص والمجرمين وتسللهم للشواطئ، يدحضُه يقظة رجال الأمن والتكثيف الشرطى على الشواطئ والمصايف، خاصة على أبواب الدخول والخروج.

والقولُ بأن منع المُحجبات من نزول البحر أو البيسين بغرض وقاية المصطافين من أمراض جلدية تختفى خلف زيهن، قول يُجانبه الصواب، فكما أنهن قد يُخفين أمراضا جلدية، فكذلك مُرتديات البكينى وخلافه قد يُخفين أمراضا أيضا، اللهم إلا إذا قَصَرنا السباحة على العُراةِ تماما !

وحلُ المشكلة يتمثلُ فى تطبيق المساواة، فكما لا تُمنع المُتبرجات من التبرج بحُجة أنه حريةٌ شخصية، فلابد ألا تُحرم المُحجبات من حقوقهن فى ارتياد المصايف والشواطئ، وتخصيص مكان فى كل شاطئ لهن، أما منعُهن المطلق من دخول الشواطئ فهو ظُلمٌ لا تقل حرارتُه عن حرارة الصيف، التي تحتاج إلي المصايف!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى