كلنا مع مصر

خالد بن زايد الخنبــشي | سلطنة عمــان

Khalid90@outlook.com

بدأت أثيوبيا المرحلة الثانية من ملئ سد النهضة دون اعتبار لحصة الشعبين الشقيقين في مصر والسودان من مياه النيل الأزرق، وكأن أثيوبيا وحاكمها أبرهة آبي أحمد هم من خلقوا النهر، وشقوا طريقه، حتى يستأثرواالآن بميــاهه ويتحكموا بمجراه، وما يُغيظنا أكثر هو وقاحة الرد الأثيوبي بأنه لا يوجد قانون دولي ملزم يجبرها عن العدول عن تعبئة السد، وذلك تحدِصارخ للأعراف السـائدة والمعروفة بين الدول “لا ضرر ولا ضرار”، وأن الأنهار العابرة في الأرض هي ملك لجميع الدول المطلة عليها.

لجأت مصر والسودان لمجلس الأمن بعد استنفاذ كافة القنوات الدبلوماسية المتاحة، وتملص الجانب الأفريقي من التوقيع على اتفاق ملزم يحفظ حقوق الشعوب لدول المصب، وهذه الخطوة خير شاهد على أن مصر والسودان اتبعتا الإجراءات الآزمة والمعروفة قبل الشروع في  اتخاذ الخيار الأخير لدرء الخطر المحدق وحفظ الشعوب، ولا يخامرنا أي شك بأن مجلس الأمن لن يحل أو يتدخل في مشكلة السد مطلقاً؛ فأغلب الدول التي تشكل مجلس الأمن هي دول الإتحاد الأوروبي ومعها أمريكا، وهي دول صهيونية بامتياز، تريد لمصر الدخول في صراع مع غيرها حتى تضعف وتتفكك وتدوم إسرائيل، والموضوع لا يحتاج إلى تقصي ودراسة عن وجود أيادي صهيونية قذرة امتدت وتمتد في الخفاء لدعم أثيوبيا، أو تدعم بناء السد، وكانت وراء تعنت الموقف الإثيوبي في انشـاء وملئ السد، سواء بطريقة مباشرة أو غيرها. وتذكرنا تصريحات المتحدث الأمريكي باسم وزارة الخارجية الأمريكية صامويل وربيرح أن بلاده “لن تترك 100 مليون مصري بلا ميـاه” بكلمات السفيرة الأمريكية في العراقأبريل غلاسبي  قبل غزو صدام حسين للكويتحين قالت لصدام: “لا نملك رأيا في خلاف العراق الحدودي مع الكويت”، وكلا التصريحين حقً أريد به باطل، ويحملان موافقة مبطنة خبيثة لمصر للشروع في الغزو.

مصر ليست دولة من دول الاتحاد الأوروبي أو دول الكومنولث حتى يجيِّش مجلس الأمن أو الناتو جيوشه لاجبار أثيوبيا للتوقف، وهي ليست دولة نصرانية، بل دولة مسلمة، وصمام رابع للأمانفي الوطن العربي، وآخر ما تبقى من الكرامة العربية، حالها حال سوريا والعراق والجزائر، فإذا ما ضعفت مصر، ضعف سائر الجسد.

ولأن خيارات مصر في التعامل مع السد شحيحة، لا يتبقى لها سوى الحل العسكري المحفوف بالمخاطر، فإنه ينبغي على مصر اولاً دعوة العالمين العربي والإسلاميإلى تشكيل تحالف عربي إسلامي قوي، خلافاً للجامعة العربية المتهالكة، وعلى غرار حلف شمال الأطلسي، يُستند على قاعدة صلبة من المبادئ، لا يتوانى عن ضرب كل ما يهدد شعوبه أو يعتدي على حدوده، وعلى الدول العربية الانضمام إلى ذلك التكتل، فإن الأيام دول، والدنيا تدور، ويومٌ لك ويوم عليك، ومن لم يقف مع أخيه في شدته تُرك وحيدًا عند محنته، ونحن في هذا الزمن في أمس الحاجة إلى التوحد خلف رأية واحدة، فقد كثُر التشرذم ودب الخلاف، وأضعنا اوقاتنا في مسببات التفكك والإنحلال، بدلا من السعي خلف الاتحاد والقوة.

وإننا نخشى بأن تصبح مصر وحيدة أمام سد الخراب، وتُلقي بكامل عدتها وعتادها في صراع مع أثيوبيا، لا يعرف نهايته ولا تُحمد عقباه، ونحن لا نريد لمصر أن تضعف، خاصة أمام دول العدوان الثلاثي التي حاربت مصر في خمسيـنـات القرن الماضي، ولذا فإن أول ما يبنغي استئصاله قبل سد الخراب هو سرطان إسرائيل المتغلغل في جسد هذه الأمة، ورأس الأفعى الذي تكاد لا توجد فتنة في العالم العربي إلا ولها يد قذرة فيها، فإن إسرائيل هي السبب الرئيس، والسد هو أحد الأعَراض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى