دور المثقفين في مجابهة التطبيع

محمـد علوش | كاتب وشاعر فلسطيني

في ظل الهرولة العربية نحو التطبيع والانصياع لمشاريع الإسقاط التي تروج لها وتتبناها الإدارة الأمريكية بهدف تطبيع العلاقات العربية مع كيان الاحتلال بطريقة مذلة تنم عن تبعية الأنظمة العربية للإدارة الأمريكية الإمبريالية التي تقود تلك المحميات العربية كقطعان من الخراف يساق حكامها إلى البيت الأبيض بالتتالي من أجل توقيع معاهدات “سلام” واتفاقيات تعاون وعلاقات مع الاحتلال في حالة ترويض معهودة من قبل الأمريكان الذين يهمهم بالدرجة الأولى مكانة “إسرائيل” في قلب المنطقة العربية وبناء تحالفات جديدة تكون “إسرائيل” فيها في صلب ومحورية التحالف العربي لمواجهة النفوذ الإيراني بعد أن انقسمت وتشرذمت الأمة الى محاور ومذاهب سنية وشيعية لتسهل العملية، عملية الاسقاط في وحل الخيانة واللحاق في ركب التطبيع والمطبعين العرب .

هنا تكمن الأهمية لمواقف وآراء وصرخات المثقفين العرب ليقولوا كلمتهم مباشرة ودون مواربة في مواجهة ومجابهة التطبيع والخيانة والهرولة نحو الكيان وحكام الكيان لينالوا القبول والرضا وحماية حكمهم الهش والقائم على أسس غير ديمقراطية وبعيدة عن طبيعة اقامة أي نظام سياسي حر في العالم ، فلا حرية رأي ولا حق في تشكيل الأحزاب السياسية والنقابات والتنظيمات الشعبية في هذه البلدان المنحرفة والتي ذهبت نحو التطبيع وهي مستعدة لدفع المزيد من المليارات التي تدفع للبنتاغون والإدارة الأمريكية لحمايتها من ” الخطر الايراني الذي يتهددها ” !!

هناك أصوات حرة لمثقفين عرب من كافة البلدان بما فيها دول خليجية خرجت وبشكل مبدئي وشجاع ضد التطبيع وكان آخرهم الكاتبة الاماراتية ظبية خميس التي عبرت عن رأيها بشجاعة اتجاه التطبيع.

وبتقديري أن معظم الكتاب والمثقفين العرب هم ضد التطبيع ولا يقبلون به وقد خرجت مؤخراً مبادرات وبيانات مشتركة وفردية وعرائض موقعة من شعراء وأدباء وفنانين ومثقفين عرب في المغرب والجزائر وتونس والأردن ومصر والكويت الى جانب كل الأصوات الشريفة والعروبية في سوريا ولبنان والسودان التي قالت بشكل واضح وصريح بأن التطبيع خيانة للأمة العربية وخيانة للشعب العربي الفلسطيني وقضيته الوطنية والقومية العادلة .

إن دور المثقف دور حيوي في التعبير عن الهموم القومية والوطنية والتصدي لمواجهة التحديات والمؤامرات التي تستهدف تصفية القضية المركزية دون أن ينال شعب فلسطين حقوقه العادلة والمشروعة التي أقرتها الشرعية الدولية المتمثلة بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية .

ومن هنا فإن دور ومكانة المثقفين العرب وما يعبرون عنه من مواقف عبر كتاباتهم المختلفة من شأنها التأثير في الرأي العام وإحراج الحكومات والأنظمة العربية التي وضعت على أجنداتها موضوع التطبيع ليتم التنفيذ عبر  ” الرموت كنترول ” الأمريكي في اللحظة التي تقرر فيها ادارة ترامب لأن هذه الأنظمة العفنة فاقدة لشرعيتها وفاقدة لقرارها المستقل .

وعلى المثقفين العرب أن يستمروا في نضالهم عبر الكلمة الحرة والموقف الشجاع المنتظر منهم في هذه اللحظة التاريخية الصعبة التي يمر بها الشعب العربي في ظل هجمة امبريالية شرسة تستهدف اعادة بناء المنظومة العربية على أسس جديدة بما في ذلك افراغ الجامعة العربية من مضمونها العربي وإنهاء أي شكل من أشكال التضامن العربي المشترك وجعل كل دولة من الدول تبحث عن ذاتها في ظل تكالب المطبعين والمهرولين الذين صمتوا دهراً ونطقوا كفراً بعد سنوات من الصمت العربي المخادع وبخاصة من تلك الأنظمة الهامشية في أبو ظبي والمنامة ومن سيلحق بهم ليثبت الولاء والطاعة لأسيادهم في البيت الأبيض .

كانت الثقافة دائماً هي ثقافة مقاومة وممانعة ورفض لأي شكل من أشكال التبعية والإلحاق وكانت الثقافة العربية تاريخياً رافضة للكيان الغاصب وبناء العلاقات معه من قبل أي طرف عربي وكان أي طرف يقيم علاقة معه يكون مصيره العزل والرفض شعبياً ومن قبل حتى الدول في الجامعة يوم كان لها صوتها ومشروعها الوحدوي العربي قبل أن يعبث بها وتكون منظومة فاسدة مترهلة وضعيفة ولا تملك قرارها بسبب الهيمنة والنفوذ والمال السياسي الفاسد الذي حرفها عن مسارها والذي ينبغي أن تكون ممثلة أمينة لقضايا الأمة العربية جمعاء .

يا مثقفي العالم العربي: لتتحد الأصوات رفضاً للتطبيع وعلى اتحاد الكتاب العرب والذي أصدر بيانه وعلى كافة اتحادات الكتاب في العالم العربي أن تبادر الى فعاليات قومية واسعة ليكون شعار المرحلة الحالية : مواجهة التطبيع واستعادة شرف الأمة العربية الذي لطخ في معاهدات الخيانة والتطبيع .

الجبهة الثقافية جبهة منيعة وعلى الحركة الثقافية في العالم العربي أن تعيد الاعتبار لمكانة الجبهة الثقافية في معارك وقضايا الأمة وأن يتم إحياء وترسيخ العلاقات الثقافية وبناء مرتكزات لإعادة ترتيب أوضاع المشهد الثقافي العربي بكافة مستوياته ليتم اعلاء شأن الثقافة والمثقفين فهم واجهة الأمة وطليعتها وهم صوتها وضميرها الحر الذي لا يقبل التحريف ولا يقبل الهزيمة ولا يقبل عار التطبيع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى