الخدمة المالية الإلزامية في إسرائيل
بقلم: توفيق أبو شومر
تابعتُ قصة هاري تراغوبوف اليهودي الأسترالي البالغ ثمانين عاما من العمر ، هو من مواليد جمهورية الصين، ما يزال هاري نشيطا، يُلقب في أستراليا وإسرائيل بصاحب الرفعة والسمو، لأنه من أصحاب المليارات، تبلغ ثروته خمسة مليارات دولار، بدأ مشاريعه الاقتصادية بمصانع النسيج ثم انتقل إلى العقارات، فقد بنى ستين ألف شقة سكنية في أستراليا، وهو من أقطاب جمعية شوراشيم، ينتمي إلى حركة حباد الحسيدية الدينية، وهو اليوم في زيارة إسرائيل !
صاحب الرفعة أخذ على عاتقه حل مشكلة المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتي السابق إلى إسرائيل في تسعينيات القرن الماضي!ووظف الأموال لاستقدام اليهود من كل أنحاء العالم، برحلات وإغراءات وبعثات دراسية لإسرائيل، وأعفى الحكومة من هذا العبء!
نشرت صحيفة الجورسلم بوسط 5/7/2013 ملفا عنه لأنه نموذج لجيل الأثرياء الملتزمين بالصهيونية ومبادئها!
استعدتُ آليات تأسيس إسرائيل ماليا واقتصاديا عبر أصحاب الملايين الذين ما يزالون يؤدون (الخدمة المالية الإلزامية) لإسرائيل، وهذه الخدمة تعادل الخدمة العسكرية، بل هي أهم منها!
أدرك الإسرائيليون أهمية المال وأصحاب الملايين قبل تأسيس إسرائيل وأسسوا الكتيبة المالية الأولى ثم اللواء المالي الثاني، فقد افتتح (هيرمان شابيرا) في المؤتمر الصهيوني الخامس 1901 م صندوق هاكيرن هاكيميت، وكان هذا الصندوق أكثر أهمية من الأسلحة الفتاكة، وقام هذا الصندوق بمهمة الجباية للصندوق الأزرق، الذي يوضع في واجهات المنازل ومن مهام الصندوق ، شراء الأرض من الغائبين لتصبح ملكا أبديا لاسرائيل، تؤجر فقط للأفراد، ولا يحق لهم بالتالي بيعها أو رهنها !
وصندوق الكيرن كييمت يملك اليوم مليونين ونصف مليون دونم، أي 12% من مساحة ما صادرته إسرائيل!
وفي عام 1920 م أنشيء صندوق آخر هو (كيرن هايسود) وهو لجمع التبرعات ومهمة الصندوق تأسيس إسرائيل! ويعتبر هذا الصندوق بمثابة [راجمات صاروخية] في ذلك العصر، بل هو أشد فتكا !
نجح اليهود في استغلال أسرة (روتشلد) كسلاح فعال، استطاعوا بها كسب المعركة الرئيسة ، وللعلم فقط فقد ظهرت أسرة روتشلد في القرن السادس عشر في مدينة فرانكفورت الألمانية، وكان عميد الأسرة هو [ ماير روتشلد]، الذي حصل على ثروة هائلة بسبب الاتجار بالعملات عقب الثورة الفرنسية.. ولقي دعما من كل اليهود في أنحاء العالم!!
واستطاع أبناؤه الخمسة أن يشكلوا نواة الفرقة المالية اليهودية في أوروبا ، وسرعان ما حولوا المال إلى سلطة … وتلك غاية الأذكياء . فتسللوا إلى مقاعد مجالس النواب .
وكمثال على نجاحهم في تحويل النقد من معادن وأوراق ، إلى نفوذ وسلطان ، أن موّل آل روتشلد شراء بريطانيا العظمى لأسهم قناة السويس ، وفق خطة مدبرة .. ومولوا كذلك عمليات الاستيطان في فلسطين في آواخر القرن الماضي .
ومن المعلوم أن عظيم الجناب (آرثر بلفور) منح وعده المشهور والمسمى وعد بلفور، خضوعا لأموال عائلة روتشلد ،ذات السطوة.. فقد وجّه بلفور وعده المشؤوم إلى أحد أحفاد (ماير روتشلد) وهو [ ليونيل والتر روتشلد]
وتقديرا لقوة سلاح المال ونفوذه زجّ الاسرائيليون المليونير اليهودي (موسكوفيتش) في الألفية الثالثة، فهاهو موسكوفيتش يشهر أقوى أسلحة العصر، ويستغله لشراء العقارات في القدس ، بدعم وتوجيه من القيادة الاسرائيلية .. لأن الشراء يتم وفق مخطط يأخذ في الاعتبار الموقع الجغرافي،الملائم للأجيال الاسرائيلية الاتية.. فقد نجحت اسرائيل في تشكيل كتائب المليارديرات فليس روتشلد وموسكوفيتش وموزس ونمرودي وغيرهم سوي جنود، يؤدون الخدمة العسكرية الاسرائيلية ، في الجيش الاحتياطي المالي الاستراتيجي .. أما معظم أصحاب الملايين العرب والفلسطينيين فإنهم يعتبرون أوطانهم غنائم وأهلهم خداما لثرواتهم، ويكدسون ثرواتهم في غير أوطانهم!
وأخيرا انتشرتْ مقولة مضللة أثارت الذعر والخوف في نفوس كل أصحاب الملايين في العالم تدَّعي بأن البوابة التي تجلب الملايين، لا بد أن تكون في إسرائيل، وأن مَن يُغضبها يتحول من مليونير إلى (فقيرير) لأنه طريق الثراء يمرُّ عبر بوابة إسرائيل، ولا أحد يتمكن من الاحتفاظ بملياراته، إلا إذا حصل على البركة الاسرائيلية!!